تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمۡ إِلَّا نُفُورٗا} (41)

الآية41 : وقوله تعالى : { ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا } .

قال الحسن : قوله{ صرفنا } يقول بينا/301-ب/في هذا القرآن ما نزل بمكذبي الرسل من الأمم الخالية بتكذيبهم الرسل{ أمة قائمة }( آل عمران : 113 ){ ليذكروا } ما نزل بهم ، فينتهوا عن تكذيبهم الرسل ، { وما يزيدهم } ما بين لهم { إلا نفورا } أي تكذيبا للرسل .

وقال بعضهم : { ولقد صرفنا في هذا القرآن } أي بينا { في هذا القرآن } والآيات التي تقدم ذكرها جميع ما يؤتى وما يتقى ومالهم وما عليهم ليعتبروا ، فيؤمنوا{ وما يزيدهم } القرآن إلا تباعدا من الإيمان ، وهو ما ذكر{ ذلك مما أوحى إليك ربك } الآية( الإسراء : 39 ) .

وقال بعضهم : { ولقد صرفنا في هذا القرآن } من المواعيد الشديدة أنه ما ينزل بهم أن ما ينزل بهم في الآخرة من العذاب والعقوبة بصنيعهم وتكذيبهم الرسل ، لكن{[10897]} لم يؤمنوا بالآخرة ، ولم{[10898]} يزدهم ذلك الوعيد{ إلا نفورا } .

وبعد فإن الله تعالى قد ذكر في القرآن المواعظ الكبيرة ما لو نظروا فيها ، وتأملوا ، لكانت تمنعهم ، وتزجرهم عن مثل صنيعهم . لكن لم ينظروا إليه بالتعظيم ، ولكن نظروا إليه بالاستهزاء والاستخفاف به . لذلك أضيفت زيادة النفور إليه ، أو أضاف ذلك إليه لما أحدثوا بنزوله الكفر والتكذيب له ، فأضاف ذلك إليه لما ازداد لهم التكذيب ، وحدث لهم الكفر إذا ترك كما كان ( لأهل ){[10899]} الإسلام يزداد لهم الإيمان واليقين إذا نزل .

وجائز أن يكون قوله : { ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا } أي ليشرفوا كقوله : { لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم }( الأنبياء : 10 )أي شرفكم . أو{ ليذكروا }ما نسوا ، وتركوا ، وغفلوا عنه .

ثم قوله : { ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا } معناه ، والله أعلم ، أنزله ليُِلزمهم الذكر ، أو ليكون عليهم ( الذكر ، أو ليأمرهم ){[10900]} بالذكر ، وهم ما ذكرنا في قوله : { وما خلقت الجن والإنس } الآية( الذاريات : 56 )وقوله : { وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله }( النساء : 64 )أي ليلزمهم العبادة والطاعة ، أو ليأمرهم بالعبادة والطاعة ، أو أرسل ، وخلق ، لمن علم منه العبادة والطاعة .

وقوله تعالى : { ليذكروا }أي ليكون لهم الذكرى بذلك ، لأنه لا يحتمل أن يبين لهم ، ويجعل لهم بيانا{ ليذكروا } ثم لا يكون ، ولكن ما ذكرنا ليكون لهم الذكرى ، وقد كانت ، لكن لم تنفعهم .

وقوله تعالى : { وما يزيدهم إلا نفورا }ليس القرآن بالذي يزيدهم نفورا ، ولكن لما نظروا إليه بعين الاستخفاف والاستهزاء وزاد بذلك نفورا عندهما وتكذيبا ، وإِلا القرآن ، لا يزيد إلا هدى ورشدا على وصفه .


[10897]:أدرج بعدها في الأصل و م: أو.
[10898]:الواو ساقطة من الأصل و م.
[10899]:من و، ساقطة من الأصل.
[10900]:في الأصل: ليأمر، في م: ليأمرهم.