قوله تعالى : { وإذ نتقنا الجبل فوقهم } ، أي : قلعنا ، وقال المؤرج : قطعنا ، وقال الفراء علقنا ، وقيل : رفعنا .
قوله تعالى : { كأنه ظلة } ، قال عطاء : سقيفة ، والظلة : كل ما أظلك .
قوله تعالى : { وظنوا } علموا .
قوله تعالى : { أنه واقع بهم خذوا } أي : وقلنا لهم خذوا .
قوله تعالى : { ما آتيناكم بقوة } ، بجد واجتهاد .
قوله تعالى : { واذكروا ما فيه } ، واعملوا به .
قوله تعالى : { لعلكم تتقون } ، وذلك حين أبوا أن يقبلوا أحكام التوراة ، فرفع الله على رؤوسهم جبلاً ، قال الحسن : فلما نظروا إلى الجبل خر كل رجل منهم ساجداً على حاجبه الأيسر ، ينظر بعينه اليمنى إلى الجبل فرقاً من أن يسقط عليه ، ولذلك لا تجد يهودياً إلا ويكون سجوده على حاجبه الأيسر .
ثم ختمت السورة الكريمة حديثها الطويل عن بنى إسرائيل بتذكيرهم بالعهد الذي أخذه الله عليهم ، وبأمرهم بالإيمان والعمل الصالح فقالت : { والذين يُمَسِّكُونَ . . . } .
الآية الكريمة معطوفة على ما سبق من أحوال بنى إسرائيل بتقدير : اذكر .
ونتقنا : من النتق وهو الزعزعة والرفع والجذب بشدة ، يقال : نتق الشىء ينتقه وينتقه ، جذبه واقتلعه .
والمراد بالجبل جبل الطور الذي سمع موسى عليه الكلام من ربه .
قيل : " إن موسى لما أتى بنى إسرائيل بالتوراة وقرأها عليهم وسمعوا ما فيها من التغليظ كبر ذلك عليهم ، وأبوا أن يقبلوا ذلك ، فأمر الله الجبل فانقطع من أصله حتى قام على رءوسهم مقدار عسكرهم ، فلما نظروا إليه فوق رءوسهم خروا ساجدين ، فسجدوا كل واحد منهم لعى خده وحاجبه الأيسر ، وجعل ينظر بعينه اليمنى إلى الجبل خوفا من أن يسقط فوقهم .
أى : واذكر يا محمد وذكر بنى إسرائيل المعاصرين لك وقت أن رفعنا الجبل فوق آبائهم الذين كانوا في عهد موسى حتى صار كأنه غمامة أو سقيفة فوق رءوسهم لنريهم آية من الآيات التي تدل على قدرتنا وعلى صدق نبينا موسى - عليه السلام - .
قال بعض العلماء : " ورفع الجبل فوقهم لإرشادهم آية من آيات الله تقوى إيمانهم بأن التوراة منزلة من عند الله ، وقوة الإيمان من شأنها أن تدفع إلى العمل بها في الكتاب المنزل بجد واجتهاد " .
وقوله { وظنوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ } أى : ووقع في نفوسهم أن الجبل ساقط عليهم إذا لم يستجيبوا لما أمرهم به نبيهم - عليه السلام - .
قال الجمل : وقوله { وظنوا } فيه أوجه :
أحدها : أنه في محل جر نسقا على نتقنا المخفوض بالظرف تقديرا .
والثانى : أنه حال ، و " قد " مقدرة عند بعضهم ، وصاحب الحال الجبل .
أى : كأنه ظلة في حال كونه مظنونا وقوعه بهم .
والثالث : أنه مستأنف فلا محل له . والظن هنا على بابه ، وقيل بمعنى اليقين " .
وقوله { خُذُواْ مَآ ءاتيناكم بِقُوَّةٍ } مقول لقول محذوف دل عليه المعنى .
والتقدير : وقلنا لهم خذوا ما آتيناكم بقوة ، أى تمسكوا به وأعملوا بما فيه يجد ونشاط ، وتقبلوه بحسن استعداد وبدون تقصير أو تردد .
والمراد بقوله : { مَآ ءاتيناكم } التوراة التي أنزلها الله على موسى لتكون هدى ونوراً لهم .
وقوله { واذكروا مَا فِيهِ } أى : احفظوه وتدبروه وتدارسوه واعملوا به بلا تعطيل لشىء منه .
قال القرطبى : وهذا هو من المقصود من الكتب : العمل بمقتضاها لا تلاوتها باللسان فحسب ، فقد روى النسائى عن أبى سعيد الخدرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن من شر الناس رجلا فاسقا يقرأ القرآن لا يرعوى إلى شىء منه " .
و " لعل " في قوله { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } إما للتعليل فيكون المعنى : خذوا الكتاب بجد وعزم ، واعملوا بما فيه بصدق وطاعة لتتقوا الهلاك في دنياكم وآخرتكم .
وإما للترجى ، وهو منصرف إلى المخاطبين فيكون المعنى : خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه ولا تنسوه وأنتم ترجون أن تكونوا من طائفة المتقين .
ولكن بنى إسرائيل لم يذكروا ولم يتدبروا بل نقضوا العهد ، ولجوا في المعصية ، فاستحقوا لعنة الله وغضبه ، وما ربك بظلام للعبيد .
وبذلك تكون سورة الأعراف قد حدثتنا - من بين ما حدثتنا - من مطلعها إلى هنا عن هداية القرآن الكريم ، وعن يوم القيامة وما فيه من ثواب وعقاب ، وجنة ونار ، وعن النداءات التي وجهها الله - تعالى - لبنى آدم تذكيراً وتوجيهاً وتعليماً حتى يسعدوا في دينهم ودنياهم ، وعن أحوال السعداء والأشقياء في الآخرة وما يدور بينهم من مناقشات ومحاورات ، وعن قصة آدم وإبليس وعن قصص نوح وهود وصالح ولوط وشعيب مع أقوامهم ، ثم أفاضت السورة الكريمة في حديثها عن قصة موسى مع فرعون ومع بنى إسرائيل .
والهدف الأول الذي قصدته السورة مما عرضته من قصص وتوجيهات وإرشادات هو إثبات وحدانية الله ، وإخلاص العبادة له ، وحمل الناس على السير في الطريق المستقيم ، وقد استعملت السورة في عرضها لتلك الحقائق أساليب الترغيب والترهيب ، والتذكير بالنعم والتحذير من النقم ، وإقامة الحجج ودفع الشبه .
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : { وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ } يقول : رفعناه ، وهو قوله : { وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ } [ النساء : 154 ]
وقال سفيان الثوري ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، رفعته الملائكة فوق رءوسهم .
وقال القاسم بن أبي أيوب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : ثم سار بهم موسى ، عليه السلام ، متوجها نحو الأرض المقدسة ، وأخذ الألواح بعد ما سكت عنه الغضب ، فأمرهم بالذي أمره{[12291]} الله تعالى [ به ]{[12292]} - أن يبلغهم من الوظائف ، فثقلت عليهم ، وأبوا أن يقربوها حتى ينتق{[12293]} الله الجبل فوقهم كأنه ظلة ، قال : رفعته الملائكة فوق رءوسهم . رواه النسائي بطوله{[12294]}
وقال سنيد بن داود في تفسيره ، عن حجاج بن محمد ، عن أبي بكر بن عبد الله قال : هذا كتاب ، أتقبلونه بما فيه ، فإن فيه بيان ما أحل لكم وما حرم عليكم ، وما أمركم وما نهاكم ؟ قالوا : انشر علينا ما فيها ، فإن كانت فرائضها يسيرة ، وحدودها خفيفة قبلناها . قال : اقبلوها بما فيها . قالوا : لا حتى نعلم ما فيها ، كيف حدودها وفرائضها ؟ فراجعوا موسى مرارا ، فأوحى الله إلى الجبل فانقلع فارتفع في السماء ، حتى إذا كان بين رءوسهم وبين السماء قال لهم موسى : ألا ترون ما يقول ربي ،
عز وجل ؟ لئن لم تقبلوا التوراة بما فيها ، لأرمينكم بهذا الجبل . قال : فحدثني الحسن البصري قال : لما نظروا إلى الجبل خر كل رجلٍ ساجدًا على حاجبه الأيسر ، ونظر بعينه اليمنى إلى الجبل ، فرقًا من أن يسقط [ عليه ]{[12295]} فكذلك ليس اليوم في الأرض يهودي يسجد إلا على حاجبه الأيسر ، يقولون : هذه السجدة التي رفعت بها العقوبة . قال أبو بكر : فلما نشر الألواح فيها كتاب الله كتبه بيده ، لم يبق على وجه الأرض جبل ولا شجر ولا حجر إلا اهتز ، فليس اليوم يهودي على وجه الأرض صغير ، ولا كبير ، تقرأ عليه التوراة إلا اهتز ونفض لها رأسه . [ أي : حرك كما قال تعالى : { فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ } [ الإسراء : 51 ] أي يحركونها ]{[12296]}
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{وإذ نتقنا الجبل}، يعني وإذ رفعنا الجبل {فوقهم كأنه ظلة}، وذلك أن موسى، عليه السلام، حين أتاهم بالتوراة، وجدوا فيها القتل، والرجم، والحدود، والتغليظ، أبوا أن يقبلوا التوراة، فأمر الله الجبل عند بيت المقدس، فانقطع من مكانه، فقام فوق رءوسهم، فأوحى الله إلى موسى أن قل لهم: إن لم يقروا بالتوراة، طرحت عليهم الجبل، وأرضخ به رءوسهم، فلما رأوا ذلك أقروا بالتوراة، ورجع الجبل إلى مكانه، فذلك قوله: {وظنوا أنه واقع بهم}، يعني وأيقنوا أن الجبل واقع بهم، يعني عليهم، {خذوا ما آتيناكم بقوة}، ما أعطيناكم من التوراة بالجد والمواظبة، {واذكروا ما فيه}، يقول: واحفظوا ما فيه من أمره ونهيه، {لعلكم}، يعني لكي {تتقون} المعاصي.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: واذكر يا محمد إذ اقتلعنا الجبل، فرفعناه فوق بني إسرائيل، "كأنه ظلة "غمام من الظلام، وقلنا لهم: "خذوا ما آتيناكم بقوّة" من فرائضنا، وألزمناكم من أحكام كتابنا، فاقبلوه، واعملوا باجتهاد منكم في أدائه من غير تقصير ولا توان. "واذْكُرُوا ما فِيهِ" يقول ما في كتابنا من العهود والمواثيق التي أخذنا عليكم بالعمل بما فيه. "لَعَلّكُمْ تَتّقُونَ" يقول: كي تتقوا ربكم، فتخافوا عقابه بترككم العمل به إذا ذكرتم ما أخذ عليكم فيه من المواثيق... عن ابن عباس، قوله: "وَإذْ نَتَقْنا الجَبَلَ فَوْقَهُمْ كأنّهُ ظُلّةٌ" فهو قوله: "وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطّورَ بِمِيثاقِهِمْ" فقال: "خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوّةٍ" وإلا أرسلته عليكم...
واختلف أهل العلم بكلام العرب في معنى قوله: نَتَقْنا فقال بعض البصريين: معنى نتقنا: رفعنا... وقد حُكي عن قائل هذه المقالة قول آخر، وهو أن أصل النتق والنتوق كلّ شيء قلعته من موضعه فرميت به... وقال آخر: معناه في هذا الموضع: رفعناه. وقال: قالوا: نتقني السير: حرّكني...
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
ليس من يأتي طوعاً كمن يأتي جَبْراً، فإن الذي يأتي قهراً لا يعرف للحق -سبحانه- قدراً... ويقال: قصارى من أتى جبراً أن ينكص على عقبيه طوعاً، كذلك لمَّا قابلوا الكتاب بالإجبار ما لبثوا حتى قابلوه بالتحريف.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{وَإِذ نَتَقْنَا الجبل فَوْقَهُمْ}: قلعناه ورفعناه، كقوله: {ورفعنا فوقهم الطور}. ومنه: نتق السقاء، إذا نفضه ليقتلع الزبدة منه. والظلة: كل ما أظلك من سقيفة أو سحاب. وقرئ بالطاء، من أطل عليه إذا أشرف {وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ}: وعلموا أنه ساقط عليهم، وذلك أنهم أبوا أن يقبلوا أحكام التوراة. لغلظها وثقلها، فرفع الله الطور على رؤوسهم مقدار عسكرهم... {خُذُواْ مَا ءاتيناكم} على إرادة القول. أي: وقلنا خذوا ما آتيناكم، أو قائلين: خذوا ما آتيناكم من الكتاب {بِقُوَّةٍ} وعزم على احتمال مشاقه وتكاليفه {واذكروا مَا فِيهِ} من الأوامر والنواهي ولا تنسوه، أو اذكروا ما فيه من التعريض للثواب العظيم فارغبوا فيه. ويجوز أن يراد: خذوا ما آتيناكم من الآية العظيمة بقوّة إن كنتم تطيقونه، كقوله: {إِنِ استطعتم أَن تَنفُذُواْ مِنْ أقطار السموات والأرض} [الرحمن: 33] فانفذوا. {واذكروا مَا فِيهِ} من الدلالة على القدرة الباهرة والإنذار {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ما أنتم عليه...
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
{وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلّة وظنوا أنه واقع بهم} لعل حكمة ختم قصة بني إسرائيل بهذه الآية هنا للتذكير ببدء حالهم في إنزال الكتاب عليهم في إثر بيان عاقبة أمرهم في مخالفته والخروج عنه، فإن في تلك الفاتحة إشارة إلى هذه الخاتمة، وذلك عندما أخذ عليهم الميثاق ليأخذن بالشريعة بقوة وعزم فإنه رفع فوقهم الطور وأوقع في قلوبهم الرعب من خوف وقوعه بهم، فلا غرو إذا آل أمرهم إلى ترك العمل به بعد طول الأمد وقساوة القلوب، والأنس بالذنوب، وقد تقدم في مضي هذه الآية آيتان من سورة البقرة وأشير إليه في سورة النساء. وذكرنا آية الأعراف هذه في سياق تفسير آية البقرة الأولى. والمعنى واذكر أيها الرسول النبي الأمي إذ نتقنا فوق هؤلاء الجبل جبل الطور أي رفعناه كما عبر به في الآيات الأخرى وهو المروي عن ابن عباس- أو زلزلناه وهو مرفوع فوقهم مظلل لهم- كما يقال نتق السقاء إذا هزه ونفضه ليخرج منه الزبدة. قال الجمهور أنه اقتلعه وجعله فوقهم.
فإن قيل: لو كان الأمر كذلك لكان ظلة بالفعل لا كالظلة، فإن الظلة كل ما أظلك من فوقك، ويصدق رفع الجبل فوقهم كالظلة وجودهم في سفحه واستظلالهم به، (قلنا) إنه وإن صح هذا التأويل فإن رفع الجبل على الوجه الأول إنما كان لإخافتهم لا لإظلالهم وأما ظنهم أنه واقع بهم فإنما جاء من زلزلته واضطرابه، على أن الله تعالى قادر على قلعه وجعله فوقهم وكم رأوا من آياته ما هو أدل على قدرته تعالى من ذلك.
{خذوا ما آتيناكم بقوة} وقلنا لهم في تلك الحالة: خذوا ما أعطيناكم من أحكام الشريعة بقوة عزيمة وعزم على احتمال مشاقه {واذكروا ما فيه لعلكم تتقون} أي واذكروا ما فيه من الأحكام أوامرها ونواهيها، أو اعملوا به لئلا تنسوه- فإن ذلك يعدكم للتقوى ويجعلها مرجوة لكم، فإن الجد وقوة العزم في إقامة الدين يهذب النفس ويزكيها، والتهاون والإغماض فيه يدسيها ويغويها {قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها} [الشمس: 9، 10].
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
إنه ميثاق لا ينسى.. فقد أخذ في ظرف لاينسى! أخذ وقد نتق الله الجبل فوقهم كأنه ظلة، وظنوا أنه واقع بهم! ولقد كانوا متقاعسين يومها عن إعطاء الميثاق؛ فأعطوه في ظل خارقة هائلة كانت جديرة بأن تعصمهم بعد ذلك من الانتكاس. ولقد أمروا في ظل تلك الخارقة القوية أن يأخذوا ميثاقهم بقوة وجدية، وأن يستمسكوا به في شدة وصرامة، وألا يتخاذلوا ولا يتهاونوا ولا يتراجعوا في ميثاقهم الوثيق. وأن يظلوا ذاكرين لما فيه، لعل قلوبهم تخشع وتتقي. وتظل موصولة بالله لا تنساه!
ولكن إسرائيل هي إسرائيل! نقضت الميثاق، ونسيت الله، ولجت في المعصية، حتى استحقت غضب الله ولعنته. وحق عليها القول، بعدما اختارها الله على العالمين في زمانها، وأفاء عليها من عطاياه. فلم تشكر النعمة، ولم ترع العهد، ولم تذكر الميثاق.. وما ربك بظلام للعبيد..
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
عاد الكلام إلى العبرة بقصص بني إسرائيل مع موسى عليه السلام، لأن قصة رفع الطور عليهم من أمهات قصصهم، وليست مثل قصة القرية الذين اعتدوا في السبت، ولا مثلَ خبر إيذانهم بمن يسومهم سوء العذاب. فضمائر الجمع كلها هنا مراد بها بنو إسرائيل الذين كانوا مع موسى، بقرينة المقام.
والجملة معطوفة على الجمل قبلها.
و {إذْ} متعلقة بمحذوف تقديره: واذكر إذ نتقنا الجبل فوقهم.
والنتق: الفصل والقلع. والجبل الطور.
وهذه آية أظهرها الله لهم تخويفاً لهم، لتكون مُذَكرة لهم، فيعقب ذلك أخذُ العهد عليهم بعزيمة العمل بالتوراة، فكان رفع الطور معجزة لموسى عليه السلام تصديقاً له فيما سيبلغهم عن الله من أخذ أحكام التوراة بعزيمة ومداومة والقصة تقدمت في سورة البقرة (63) عند قوله تعالى: {وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور} والظلة السحابة، وجملة: {خذوا ما آتيناكم} مقولة لقول محذوف يدل عليه نظم الكلام، وحذفُ القول في مثله شائع كثير، وتقدم نظيرها في سورة البقرة.