معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِنَّا لَجَٰعِلُونَ مَا عَلَيۡهَا صَعِيدٗا جُرُزًا} (8)

قوله تعالى : { وإنا لجاعلون ما عليها صعيداً جرزاً } ، فالصعيد وجه الأرض . وقيل : هو التراب ، جرزاً يابساً أملس لا ينبت شيئاً . يقال : جرزت الأرض إذا أكل نباتها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِنَّا لَجَٰعِلُونَ مَا عَلَيۡهَا صَعِيدٗا جُرُزًا} (8)

وقوله - تعالى - : { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرض زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً } تعليل للنهى المقصود من الترجى فى قوله : { فلعلك باخع . . . } وزيادة فى تسليته صلى الله عليه وسلم عما أصابه من غم وحزن بسبب إصرار الكافرين على كفرهم .

أى : إنا بمقتضى حكمتنا - أيها الرسول الكريم - قد جعلنا ما على الأرض من حيوان ونبات وأنهار وبنيان . . زينة لها ولأهلها { لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً } أى : لنختبرهم عن طريق ما جعلنا زينة للأرض ولأهلها : أيهم أتبع لأمرنا ونهينا ، وأسرع فى الاستحابة لطاعتنا ، وأبعد عن الاغترار بشهواتها ومتعها . وإنا - أيضا - بمقتضى حكمتنا ، لجاعلون ما عليهم من هذه الزينة فى الوقت الذى نريده لنهاية هذه الدنيا ، { صعيدا } ، أى : ترابا { جرزا } أى : لا نبات فيه ، يقال أرض جرز ، أى : لا تنبت ، أو كان بها نبات ثم زال .

ويقال : جُرِزَت الأرض : إذا ذهب نباتها بسبب القحط ، أو الجراد الذى أتى على نباتها قال تعالى : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ المآء إِلَى الأرض الجرز فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ } والمقصود من الآيتين : الزيادة فى تثبيت قلب النبى - صلى الله عليه وسلم - وفى تسليته عما لحقه من حزن بسبب إصرار الكافرين على كفرهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِنَّا لَجَٰعِلُونَ مَا عَلَيۡهَا صَعِيدٗا جُرُزًا} (8)

ونهاية هذه الزينة محتومة . فستعود الأرض مجردة منها ، وسيهلك كل ما عليها ، فتصبح قبل يوم القيامة سطحا أجرد خشنا جديا :

( وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا ) . .

وفي التعبير صرامة ، وفي المشهد الذي يرسمه كذلك . وكلمة ( جرزا )تصور معنى الجدب بجرسها اللفظي . كما أن كلمة( صعيدا ) ترسم مشهد الاستواء والصلادة !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِنَّا لَجَٰعِلُونَ مَا عَلَيۡهَا صَعِيدٗا جُرُزًا} (8)

ثم أخبر تعالى بزوالها وفنائها ، وفراغها وانقضائها ، وذهابها وخرابها ، فقال : { وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا } أي : وإنا لمصيروها بعد الزينة إلى الخراب والدمار ، فنجعل كل شيء عليها هالكًا { صَعِيدًا جُرُزًا } : لا يُنْبِت ولا ينتفع به ، كما قال العوفي ، عن ابن عباس في قوله تعالى { وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا } يقول : يهلك كل شيء عليها ويبيد . وقال مجاهد : { صَعِيدًا جُرُزًا } بلقعًا .

وقال قتادة : الصعيد : الأرض التي ليس فيها شجر ولا نبات .

وقال ابن زيد : الصعيد : الأرض التي ليس فيها شيء ، ألا ترى إلى قوله تعالى : { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الأرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ } [ السجدة : 27 ]{[17979]} .

وقال محمد بن إسحاق : { وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا } يعني الأرض ، إن ما عليها لفان وبائد ، وإن المرجع لإلى الله{[17980]} فلا تأس ولا يحزنك ما تسمع وترى .


[17979]:في أ: "أفلا تبصرون".
[17980]:في ت: "المرجع إلى الله"، وفي ف، أ: "إلى الله المرجع".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِنَّا لَجَٰعِلُونَ مَا عَلَيۡهَا صَعِيدٗا جُرُزًا} (8)

قوله : { وإنا لجاعلون ما عليها صعيداً جرزاً } تكميل للعبرة وتحقيق لفناء العالم . فقوله : { جاعلون } اسم فاعل مراد به المستقبل ، أي سنجعل ما على الأرض كله معدوماً فلا يكون على الأرض إلا تراب جاف أجرد لا يصلح للحياة فوقه وذلك هو فناء العالم ، قال تعالى : { يوم تبدل الأرض غير الأرض } [ إبراهيم : 48 ] .

والصعيد : التراب . والجُرز : القاحل الأجرد . وسيأتي بيان معنى الصعيد عند قوله : { فتصبح صعيداً زلقا } في هذه السورة ( 40 ) .