اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَإِنَّا لَجَٰعِلُونَ مَا عَلَيۡهَا صَعِيدٗا جُرُزًا} (8)

قوله : { وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً } .

والمعنى أنَّه تعالى إنما زيَّن الأرض ؛ لأجل الامتحان والابتلاء ، لا لأجل أن يبقى الإنسان فيها متنعِّماً بها لا زاهداً فيها أي : لجاعلون ما عليها من هذه الزِّينة { صَعِيداً جُرُزاً } .

ونظيره : { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ } [ الرحمن : 26 ] .

وقوله : { فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً لاَّ ترى فِيهَا عِوَجاً ولا أَمْتاً } [ طه : 106 ، 107 ] .

وقوله : { وَإِذَا الأرض مُدَّتْ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ }

[ الانشقاق : 3 ، 4 ] .

والمعنى أنَّه لابدَّ من المجازاةِ بعد إفناء ما على الأرض ، وتخصيص الإهلاك بما على الأرض يوهم بقاء الأرض ، إلا أنَّ سائر الآيات دلَّت أيضاً على أنَّ الأرض لا تبقى ، وهو قوله : { يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرض غَيْرَ الأرض } [ إبراهيم : 48 ] .

قوله : { صَعِيدًا } : مفعول ثانٍ ؛ لأنَّ الجعل هنا تصيير ليس إلاَّ ، والصعيد : التراب .

وقال أبو عبيدة : الصعيد المستوي من الأرض .

وقال الزجاج : هو الطَّريق الذي لا طين له ، أو لا نبات فيه . وقد تقدَّم في آية التيمم . والجُرزُ : الذي لا نبات به ، يقال : سَنةٌ جُرُز ، وسنُونَ أجرازٌ : لا مطر فيها ، وأرضٌ جُرزٌ ، وأرضُونَ أجْرازٌ : لا نبات فيها قال الفراء : جَرزَتِ الأرض ؛ فهي مجروزة إذا ذهب نباتها بقحطٍ أو جرازٍ يقال جرزها الجراد والشياة والإبل إذا أكل ما عليها وامرأة مجروز : إذا كانت أكولة . قال الشاعر : [ الرجز ]

إنَّ العَجُوزَ خَبَّةً جَرُوزا *** تَأكلُ كُلَّ لَيْلةٍ قَفِيزا{[20823]}

وسيف جراز ، إذا كان مستأصلاً .

ونظيره قوله تعالى : { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ المَاءَ إِلَى الأَرْضِ الجُرُزِ } [ السجدة : 27 ] .


[20823]:تقدم.