8- { وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا } .
يحشر الناس يوم القيامة على أرض مستوية ، صماء لا نبات فيها ولا ماء . والأرض الآن تتزين بالزراعة ، والنبات والأشجار ، والأنهار ، والنبات الأخضر ، وسائر فنون الزينة ، وعند نهاية الحياة تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ويفنى الإنسان والحيوان والنبات وتنتهي الدنيا بكل ما فيها ، ثم يكون البعث والحشر والجزاء ، والثواب والعقاب ، والجنة والنار .
قال تعالى : { كل من عليها فان . ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } . ( الرحمان : 27 ، 26 ) .
وقال تعالى : { ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربّي نسفا . فيذرها قاعا صفصفا . لا ترى فيها عوجا ولا أمتا } ( طه : 107 ، 105 ) .
وقد وردت الآية السابعة والثامنة ؛ تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم ، وكأنه قيل : لا تحزن فهناك في الآخرة جزاء عادل للأخيار والأشرار .
الآية وردت ؛ لتسلية النبي صلى الله عليه وسلم والمعنى : لا تهتم يا محمد للدنيا وأهلها ، فإنا إنما جعلنا ذلك امتحانا واختبارا لأهلها ، فمنهم من يتدبر ويؤمن ، ومنهم من يكفر ، ثم إن يوم القيامة بين أيديهم ، فلا يعظمن عليك كفرهم ؛ فإنا سنجازيهم .
تفيد كتب التفسير : أن ملكا جبارا يسمى : دقيانوس ؛ ظهر على بلدة من بلاد الروم تدعى : ( طرطوس ) ، بعد زمن عيسى عليه السلام .
وكان يدعو الناس إلى عبادة الأصنام ، ويقتل كل مؤمن لا يستجيب لدعوته الضالة ، حتى عظمت الفتنة على أهل الإيمان ، فلما رأى الفتية ذلك ؛ حزنوا حزنا شديدا وبلغ خبرهم الملك ، فبعث في طلبهم ، وهددهم بالقتل ؛ إن لم يعبدوا الأصنام ، ويذبحوا للطواغيت ، فوقفوا في وجهه وأظهروا إيمانهم وقالوا : { ربّنا ربّ السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها } . ( الكهف : 14 ) .
فأمهلهم الملك يوما ؛ ليراجعوا أنفسهم ، ويثوبوا إلى رشدهم ، فهربوا ليلا ، ومروا براع معه كلب فتبعهم ، فلما كان الصباح أووا إلى الكهف وتبعهم الملك وجنده ، فلما وصلوا إلى الكهف هاب الرجال وفزعوا من الدخول عليهم ، فقال الملك : سدوا عليهم باب الغار ؛ حتى يموتوا فيه جوعا وعطشا ، وألقى الله على أهل الكهف النوم فبقوا نائمين- وهم لا يدرون- ثلاثمائة وتسع سنين ، ثم أيقضهم الله ، وظنوا أنهم قاموا يوما أو بعض يوم ، فشعروا بالجوع فأرسلوا واحدا منهم يسمى : ( تمليخا ) ؛ ليشتري لهم الطعام ونصحوه بالتخفي والحذر ، واشترى تمليخا الطعام ، ولما دفع النقود للبائع أخذ يقلب فيها ويقول : من أين حصلت على هذه النقود ؟ ! واجتمع الناس وأخذوا ينظرون لتلك النقود ويتعجبون ، ثم قالوا : من أنت يا فتى لعلك وجدت كنزا ؟ فقال : لا والله ما وجدت كنزا إنها دراهم قومي ، قالوا : إنها من عهد بعيد ، ومن زمن الملك دقيانوس ، قال : وما فعل دقيانوس ؟ قالوا : مات من قرون عديدة ، قال : والله ما يصدقني أحد بما أقوله : لقد كنا فتية وأكرهنا الملك على عبادة الأوثان ؛ فهربنا منه عشية أمس فأوينا إلى الكهف ، فأرسلني أصحابي اليوم ؛ لأشتري لهم طعاما ، فانطلقوا معي إلى الكهف أريكم أصحابي ، فتعجبوا من كلامه ، ورفعوا أمره إلى الملك ، وكان مؤمنا صالحا ، خرج الملك في جنوده إلى الكهف ، وشاهد الفتية يصلون ، ولما انتهوا من صلاتهم ؛ عانقهم الملك ، وأخبرهم أنه رجل مؤمن ، وأن دقيانوس قد هلك من زمن بعيد ، وسمع كلامهم وقصتهم ، وعرف أن الله بعثهم ؛ ليكون أمرهم آية للناس11 .
ثم ألقى الله عليهم النوم وقبض أرواحهم ، فقال الناس : { لنتّخذنّ عليهم مسجدا } . ( الكهف : 21 ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.