إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَإِنَّا لَجَٰعِلُونَ مَا عَلَيۡهَا صَعِيدٗا جُرُزًا} (8)

{ وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ } فيما سيأتي عند تناهي عُمرِ الدنيا { مَا عَلَيْهَا } من المخلوقات قاطبةً بإفنائها بالكلية وإنما أُظهر في مقام الإضمارِ لزيادة التقريرِ أو لإدراج المكلفين فيه { صَعِيداً } مفعولٌ ثانٍ للجعل ، والصعيدُ الترابُ أو وجهُ الأرضِ ، قال أبو عبيدةَ : هو المستوي من الأرض ، وقال الزجاجُ : هو الطريقُ الذي لا نبات فيه { جُرُزاً } تراباً لا نباتَ فيه بعد ما كان يَتعجَّب من بهجته النُّظارُ وتتشرف بمشاهدته الأبصارُ ، يقال : أرضٌ جرُزٌ لا نباتَ فيها وسَنةٌ جرُزٌ لا مطر فيها . قال الفراء : جُرِزَت الأرضُ فهي مجرُوزة أي ذهب نباتُها بقحط أو جراد ، ويقال : جرَزها الجرادُ والشاةُ والإبلُ إذا أكلت ما عليها ، وهذه الجملةُ لتكميل ما في السابقة من التعليل ، والمعنى لا تحزنْ بما عاينْتَ من القوم من تكذيب ما أنزلنا عليك من الكتاب فإنا قد جعلنا ما على الأرض من فنون الأشياءِ زينةً لها لنختبرَ أعمالَهم فنجازِيَهم بحسبها وإنا لَمُفْنون جميعَ ذلك عن قريب ومجازون لهم بحسب أعمالهم .