البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَإِنَّا لَجَٰعِلُونَ مَا عَلَيۡهَا صَعِيدٗا جُرُزًا} (8)

جرزت الأرض بقحط أو جراد أو نحوه : ذهب نباتها وبقيت لا شيء فيها وأرضون أجراز ، ويقال : سنة جرز وسنون أجراز لا مطر فيها ، وجرز الأرض الجراد أكل ما فيها ، وامرأة جروز أي أكول . قال الشاعر :

إن العجوز خبة جروزا ***  تأكل كل ليلة قفيزاً

و { إنّا لجاعلون } أي مصيرون { ما عليها } مما كان زينة لها أو { ما عليها } مما هو أعم من الزينة وغيره { صعيداً } تراباً { جرزاً } الأنبات فيه ، وهذا إشارة إلى التزهيد في الدنيا والرغبة عنها وتسلية للرسول صلى الله عليه وسلم عن ما تضمنته أيدي المترفين من زينتها ، إذ مآل ذلك كله إلى الفناء والمحاق .

وقال الزمخشري : { ما عليها } من هذه الزينة { صعيداً جرزاً } يعني مثل أرض بيضاء لا نبات فيها بعد أن كانت خضراء معشبة في إزالة بهجته وإماطة حسنه وإبطال ما به كان زينة من إماتة الحيوان وتجفيف النبات والأشجار ونحو ذلك انتهى .

قيل : والصعيد ما تصاعد على وجه الأرض .

وقال مجاهد : الأرض التي لا نبات بها .

وقال السدّي الأملس المستوي .

وقيل : الطريق .

وفي الحديث : « إياكم والقعود على الصعدات » .