معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَمۡ لَهُم مُّلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَاۖ فَلۡيَرۡتَقُواْ فِي ٱلۡأَسۡبَٰبِ} (10)

قوله تعالى : { أم لهم ملك السموات والأرض وما بينهما } أي : ليس لهم ذلك ، { فليرتقوا في الأسباب } أي : إن ادعوا شيئاً من ذلك فليصعدوا في الأسباب التي توصلهم إلى السماء ، فليأتوا منها بالوحي إلى من يختارون ، قال مجاهد و قتادة : أراد بالأسباب : أبواب السماء وطرقها من سماء إلى سماء ، وكل ما يوصلك إلى شيء من باب أو طريق فهو سببه ، وهذا أمر توبيخ وتعجيز .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَمۡ لَهُم مُّلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَاۖ فَلۡيَرۡتَقُواْ فِي ٱلۡأَسۡبَٰبِ} (10)

وقوله - عز وجل - : { أَمْ لَهُم مُّلْكُ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا . . . } : تأكيد لما أفادته الآية السابقة من عدم ملكيتهم لشئ من خزائن الله - تعالى - أى : أن هؤلاء الكافرين ليست عندهم خزائن ربك - أيها الرسول الكريم - وليسوا بمالكين شيئا - أى شئ - من هذه العوالم العلوية أو السفلية ، وإنما هم خلق صغير من خلقنا العظيم الكبير .

وقوله - سبحانه - : { فَلْيَرْتَقُواْ فِى الأسباب } : تعجيز لهم ، وتهكم بهم ، واستخفاف بأقوالهم ومزاعمهم ، والأسباب : جمع سبب وهو كل ما يتوصل به إلى غيره من حبل أو نحوه .

والفاء جواب لشرط محذوف . والتقدير : إن كان عندهم خزائن رحمتنا ، ولهم شئ من ملك السموات والأرض وما بينهما ، فليصعدوا فى الطرق التى توصلهم إلى ما نملكه حتى يستولوا عليه ، ويدبروا أمره ، وينزلوا الوحى على من يختارونه للنبوة من أشرافهم وصناديدهم .

فالجملة الكريمة قد اشتملت على نهاية التعجيز لهم ، والتهكم بهم وبأقوالهم ، حيث بين – سبحانه - أنهم أدعاء فيما يزعمون ، وأنهم يهرفون بما لا يعرفون . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَمۡ لَهُم مُّلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَاۖ فَلۡيَرۡتَقُواْ فِي ٱلۡأَسۡبَٰبِ} (10)

( أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما ? ) . .

وهي دعوى لا يجرؤون على ادعائها . ومالك السماوات والأرض وما بينهما هو الذي يمنح ويمنع ، ويصطفي من يشاء ويختار . وإذ لم يكن لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فما بالهم يدخلون في شؤون المالك المتصرف فيما يملك بما يشاء ?

وعلى سبيل التهكم والتبكيت عقب على السؤال عما إذا كان لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما . بأنه إن كان الأمر كذلك ( فليرتقوا في الأسباب ) . . ليشرفوا على السماوات والأرض وما بينهما ، ويتحكموا في خزائن الله ؛ ويعطوا من يشاءون ويمنعوا من يشاءون كما هو مقتضى اعتراضهم على اختيار الله المالك المتصرف فيما يملك بما يشاء !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَمۡ لَهُم مُّلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَاۖ فَلۡيَرۡتَقُواْ فِي ٱلۡأَسۡبَٰبِ} (10)

وقوله : { أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الأسْبَابِ } أي : إن كان لهم ذلك فليصعدوا في الأسباب . قال ابن عباس ، ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وغيرهم : يعني طرق السماء . وقال الضحاك : فليصعدوا إلى السماء السابعة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَمۡ لَهُم مُّلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَاۖ فَلۡيَرۡتَقُواْ فِي ٱلۡأَسۡبَٰبِ} (10)

ثم رشح ذلك فقال : { أم لهم ملك السموات والأرض وما بينهما } كأنه لما أنكر عليهم التصرف في نبوته بأن ليس عندهم خزائن رحمته التي لا نهاية لها ، أردف ذلك بأنه ليس لهم مدخل في أمر هذا العالم الجسماني الذي هو جزء يسير من خزائنه فمن أين لهم أن يتصرفوا فيها .

{ فليرتقوا في الأسباب } : جواب شرط محذوف أي إن كان لهم ذلك فليصعدوا في المعارج التي يتوصل بها إلى العرش حتى يستووا عليه ويدبروا أمر العالم ، فينزلوا الوحي إلى من يستصوبون . وهو غاية التهكم بهم ، والسبب في الأصل هو الوصلة ، وقيل المراد بالأسباب السموات لأنها أسباب الحوادث السفلية .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَمۡ لَهُم مُّلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَاۖ فَلۡيَرۡتَقُواْ فِي ٱلۡأَسۡبَٰبِ} (10)

إضراب انتقالي إلى رد يأتي على جميع مزاعمهم ويشمل بإجماله جميع النقوض التفصيلية لمزاعمهم بكلمة جامعة كالحوصلة فيشبه التذييل لما يتضمنه من عموم المُلك وعموم الأماكن المقتضي عموم العلم وعمومَ التصرف ينعَى عليهم قولهم في المغيبات بلا علم وتحكمهم في مراتب الموجودات بدون قدرة ولا غنى .

والاستفهام المقدر بعد { أم } المنقطعة تهكمي وليس إنكارياً لأن تفريع أمر التعجيز عليه يعيّن أنه تهكمي . فالمعنى : إن كان لهم مُلك السماوات والأرض وما بينهما فكان لهم شيء من ذلك فليصعدوا إن استطاعوا في أسباب السماوات ليَخبُروا حقائق الأشياء فيتكلموا عن علم في كنه الإله وصفاته وفي إمكان البعث وعدمه وفي صدق الرسول صلى الله عليه وسلم أو ضده وليفتحوا خزائن الرحمة فيفيضوا منها على من يعجبهم ويحرموا من لا يرْمقونه بعين استحسان .

والأمر في { فليرتقوا } للتعجيز مثل قوله : { فليمدد بسبب إلى السماء } [ الحج : 15 ] .

والتعريف في { الأسْبابِ } لعهد الجنس لأن المعروف أن لكل محل مرتفع أسباباً يُصعد بها إليه كقول زهير :

ومن هاب أسباب المنايَا ينلْنه **** وإن يرق أسباب السماء بسلّم

وقول الأعشى :

فلو كنتَ في حِبّ ثمانين قامة *** ورُقيتَ أسباب السماء بسُلّم

والسبب : الحبل الذي يَتعلق به الصاعد إلى النخلة للجذاذ ، فإن جعل من حبلين ووصل بين الحبلين بحبال معترضة مشدودة أو بأعواد بين الحبلين مضفورٍ عليها جنبتَا الحبلين فهو السُلَّم . وحرف الظرفية استعارة تبعية للتمكن من الأسباب حتى كأنها ظروف محيطة بالمرتقين .