مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{أَمۡ لَهُم مُّلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَاۖ فَلۡيَرۡتَقُواْ فِي ٱلۡأَسۡبَٰبِ} (10)

والوجه الثالث : في الجواب عن هذه الشبهة قوله تعالى : { أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب } واعلم أنه يجب أن يكون المراد من هذا الكلام مغايرا للمراد من قوله : { أم عندهم خزائن رحمة ربك } والفرق أن خزائن الله تعالى غير متناهية كما قال : { وإن من شيء إلا عندنا خزائنه } ومن جملة تلك الخزائن هو هذه السماوات والأرض ، فلما ذكرنا الخزائن أولا على عمومها أردفها بذكر { ملك السماوات والأرض وما بينهما } يعني أن هذه الأشياء أحد أنواع خزائن الله ، فإذا كنتم عاجزين عن هذا القسم ، فبأن تكونوا عاجزين عن كل خزائن الله كان أولى ، فهذا ما أمكنني ذكره في الفرق بين الكلامين ، أما قوله تعالى : { فليرتقوا في الأسباب } فالمعنى أنهم أن ادعوا أن لهم ملك السماوات والأرض فعند هذا يقال لهم ارتقوا في الأسباب واصعدوا في المعارج التي يتوصل بها إلى العرش حتى يرتقوا عليه ويدبروا أمر العالم وملكوت الله وينزلوا الوحي على من يختارون ، واعلم أن حكماء الإسلام استدلوا بقوله : { فليرتقوا في الأسباب } على أن الأجرام الفلكية وما أودع الله فيها من القوى والخواص أسباب لحوادث العالم السفلي لأن الله تعالى سمي الفلكيات أسبابا وذلك يدل على ما قلناه ، والله أعلم .