معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا جَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ لِيَسۡكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبۡصِرًاۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (86)

قوله عز وجل { ألم يروا أنا جعلنا } خلقنا ، { الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصراً } مضيئاً يبصر فيه ، { إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون } يصدقون فيعتبرون .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا جَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ لِيَسۡكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبۡصِرًاۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (86)

وبعد هذا التوبيخ لهم وهم فى ساحة الحشر ، انتقلت السورة إلى توبيخهم على فعلتهم حين كانوا فى الدنيا . فتقول : { أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا الليل لِيَسْكُنُواْ فِيهِ والنهار مُبْصِراً } .

أى : أبلغت الغفلة والجهالة بهؤلاء المكذبين - أنهم يعيشون - فى هذا الكون ليأكلوا ويشربوا ويتمتعوا ، دون أن يعتبروا أو يتفكروا .

لقد أوجدنا لهم ليلا يسكنون فيه ، وأوجدنا لهم نهارا يبتغون فيه أرزاقهم ، وجعلنا الليل والنهار بهذا المقدار ، لتتيسر لهم أسباب الحياة والراحة ، فكيف لم يهتدوا إلى أن لهذا الكون خالقا حكيما قادرا ؟

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ } الذى جعلناه ، لهم ، من وجود الليل والنهار بهذه الطريقة { لآيَاتٍ } بينات واضحات على وحدانيتنا وقدرتنا { لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } بأن الله - تعالى - هو الخالق لكل شىء وهو الإله الحق لا إله سواه .

وذلك ، لأن من تأمل فى تعاقب الليل والنهار بتلك الصورة البديعة المطردة ، وفى اختلافهما طولا وقصرا ، وظلمة وضياء . . . أيقن بأن لهذا الكون إلها واحدا قادرا على إعادة الحياة إلى الأموات ، ليحاسبهم على أعمالهم .

قال الآلوسى : وقوله : { والنهار مُبْصِراً } أى : ليبصروا بما فيه من الإضاءة ، وطرق التقلب فى أمور معاشهم ، فبولغ حيث جعل الإبصار الذى هو حال الناس حالا له ، ووصفا من أوصافه التى جعل عليها بحيث لم ينفك عنها ، ولم يسلك فى الليل هذا المسلك . لما أن تأثير ظلام الليل فى السكون ، ليس بمثابة تأثير ضوء النهار فى الإبصار .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا جَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ لِيَسۡكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبۡصِرًاۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (86)

59

وهو هنا ينتقل من مشهد المكذبين بآيات الله ، المبهوتين في ساحة الحشر إلى مشهد من مشاهد الدنيا ، كان جديرا أن يوقظ وجدانهم ، ويدعوهم إلى التدبر في نظام الكون وظواهره ، ويلقي في روعهم أن هناك إلها يرعاهم ، ويهيىء لهم أسباب الحياة والراحة ، ويخلق الكون مناسبا لحياتهم لا مقاوما لها ولا حربا عليها ولا معارضا لوجودها أو استمرارها :

ألم يروا أنا جعلنا اليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا ? إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون .

ومشهد الليل الساكن ، ومشهد النهار المبصر ، خليقان أن يوقظا في الإنسان وجدانا دينيا يجنح إلى الاتصال بالله ، الذي يقلب الليل والنهار ، وهما آيتان كونيتان لمن استعدت نفسه للإيمان ، ولكنهم لا يؤمنون .

ولو لم يكن هناك ليل فكان الدهر كله نهارا لانعدمت الحياة على وجه الأرض ؛ وكذلك لو كان الدهر كله ليلا . لا بل إنه لو كان النهار أو الليل أطول مما هما الآن عشر مرات فقط لحرقت الشمس في النهار كل نبات ، ولتجمد في الليل كل نبات . وعندئذ تستحيل الحياة . ففي الليل والنهار بحالتهما الموافقة للحياة آيات . ولكنهم لا يؤمنون .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا جَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ لِيَسۡكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبۡصِرًاۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (86)

ثم قال تعالى منبهًا على قدرته التامة ، وسلطانه العظيم ، وشأنه الرفيع الذي تجب طاعته والانقياد لأوامره ، وتصديق أنبيائه فيما جاءوا به من الحق الذي لا مَحيد عنه ، فقال { أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ } أي : فيه ظلام تسكن{[22191]} بسببه حركاتهم ، وتهدأ أنفاسهم ، ويستريحون من نَصَب التعب في نهارهم . { وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا } أي : منيرًا مشرقًا ، فبسبب ذلك يتصرفون في المعايش والمكاسب ، والأسفار والتجارات ، وغير ذلك من شؤونهم التي يحتاجون إليها ، { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } .


[22191]:- في ف : "يسكن".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا جَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ لِيَسۡكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبۡصِرًاۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (86)

{ ألم يروا } ليتحقق لهم التوحيد ويرشدهم إلى تجويز الحشر وبعثة الرسل ، لأن تعاقب النور والظلمة إلى وجه مخصوص غير متعين بذاته لا يكون إلا بقدرة قاهر ، وأن من قدر على إبدال الظلمة بالنور في مادة واحدة قدر على إبدال الموت بالحياة في مواد الأبدان ، وأن من جعل النهار ليبصروا فيه سببا من أسباب معاشهم لعله لا يخل بما هو مناط جميع مصالحهم في معاشهم ومعادهم . { أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه } بالنوم والقرار . { والنهار مبصرا } فإن أصله ليبصروا فيه فبولغ فيه بجعل الإبصار حالا من أحواله المجعول عليها بحيث لا ينفك عنها إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون لدلاتها على الأمور الثلاثة .