فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا جَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ لِيَسۡكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبۡصِرًاۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (86)

ثم بعد أن خوّفهم بأهوال القيامة ذكر سبحانه ما يصلح أن يكون دليلاً على التوحيد ، وعلى الحشر ، وعلى النبوّة مبالغة في الإرشاد وإبلاء للمعذرة ، فقال : { أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا اليل لِيَسْكُنُواْ فِيهِ والنهار مُبْصِراً } أي جعلنا الليل للسكون والاستقرار والنوم ، وذلك بسبب ما فيه من الظلمة فإنهم لا يسعون فيه للمعاش ، والنهار مبصراً ، ليبصروا فيه ما يسعون له من المعاش الذي لا بدّ له منهم ، ووصف النهار بالإبصار ، وهو وصف للناس مبالغة في إضاءته كأنه يبصر ما فيه . قيل : في الكلام حذف ، والتقدير : وجعلنا الليل مظلماً ليسكنوا ، وحذف مظلماً لدلالة مبصراً عليه ، وقد تقدّم تحقيقه في الإسراء وفي يونس { إِنَّ في ذَلِكَ } المذكور { لآيَاتٍ } أي علامات ودلالات { لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } بالله سبحانه .