معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ قَالُواْ حَسۡبُنَا مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ءَابَآؤُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ شَيۡـٔٗا وَلَا يَهۡتَدُونَ} (104)

قوله تعالى : { وأكثرهم لا يعقلون* وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول } ، في تحليل الحرث ، والأنعام ، وبيان الشرائع والأحكام .

قوله تعالى : { قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا } من الدين .

قوله تعالى : { أو لو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون } .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ قَالُواْ حَسۡبُنَا مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ءَابَآؤُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ شَيۡـٔٗا وَلَا يَهۡتَدُونَ} (104)

ثم حكى - سبحانه - ما كان عليه هؤلاء العوام المقلدون من جمود وخضوع للباطل فقال . { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إلى مَآ أَنزَلَ الله وَإِلَى الرسول قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَآ } .

أي : وإذا قال قائل - على سبيل النصح والإِرشاد إلى الخير - لهؤلاء المقلدين المنقادين انقيادا أعمى للأوهام إذا قال لهم هذا القائل : تعالوا أي : أقبلوا واستجيبوا لما أنزل الله في كتابه ، ولما أنزل على رسوله من هدايات لتسعدوا وتفوزوا قالوا : بعناد وغباء - { حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَآ } : كافينا في هذا الشأن ما وجدوا عليه آباءنا من عقائد وتقاليد وعادات . فلا نلتفت إلى ما سواه .

وهذه حجة كل ضال مقلد لمن سبقوه بغير تعقل ولا تدبر . إنه يترك معاني العزة والكرامة وإعمال الفكر ليعيش أسير ذلته للأوهام التي شب عليها وسار خلفها مقلداً غيره ومنقاداً له انقياد الخانعين الأذلاء .

ولم يذكر - سبحانه - القائل في قوله : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } للإِشارة إلى أن الذين يدعونهم إلى طريق الحق متعددون ، فالنبي صلى الله عليه وسلم يدعوهم ، والمؤمنون يدعونهم . والأدلة الدالة على صدق هذا الدين تدعوهم . ومع كل ذلك فهم في ضلالهم سادرون ، وتحت سلطان سادتهم خانعون .

وقوله - تعالى - { أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } رد عليهم بأسلوب التأنيب والتعجيب من جهالاتهم وخضوعهم للباطل بدون مراجعة أو تفكير .

والواو في قوله { أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ } وأو الحال . والهمزة التي دخلت عليها للانكار والتعجب من ضلالهم .

والمعنى : أيقولون حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا . ويغلقون على أنفسهم باب الهداية ليبقوا في ظلمات الضلالة ولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئاً من الحق ولا يهتدون إليه لانطماس بصيرتهم .

وليس المراد أن آباءهم لو كانوا يعلمون شيئاً أو يهتدون إلى شيء لجاز لهم ترك ما أنزل الله وإنما المراد هنا تسجيل الواقع المظلم الذي كانوا عليه وكان عليه آباؤهم من قبلهم . فآباؤهم كانوا كذلك يتبعون ما شرعه لهم آباؤهم بدون تأمل أو تفكير .

فالآية الكريمة زيادة في توبيخهم وتوبيخ آبائهم ؛ لأنهم جميعا مشتركون في الانغماس في الضلال والجهل .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ قَالُواْ حَسۡبُنَا مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ءَابَآؤُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ شَيۡـٔٗا وَلَا يَهۡتَدُونَ} (104)

ثم يزيد هذه المفارقة في قولهم وفعلهم إيضاحا :

( وإذا قيل لهم : تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول ، قالوا : حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا . أو لو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون ) ؟ . .

إن ما شرعه الله بين . وهو محدد فيما أنزل الله ومبين بما سنه رسوله . . وهذا هو المحك . وهذه هي النقطة التي يفترق فيها طريق الجاهلية وطريق الإسلام . طريق الكفر وطريق الإيمان . . فإما أن يدعى الناس إلى ما أنزل الله بنصه وإلى الرسول ببيانه فيلبوا . . فهم إذن مسلمون . وإما أن يدعوا إلى الله والرسول فيأبوا . . فهم إذن كفار . . ولا خيار . .

وهؤلاء كانوا إذا قيل لهم : تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول ، قالوا : حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا ! فاتبعوا ما شرعه العبيد ، وتركوا ما شرعه رب العبيد . ورفضوا نداء التحرر من عبودية العباد للعباد ، واختاروا عبودية العقل والضمير ، للآباء والأجداد .

ثم يعقب السياق القرآني على موقفهم ذاك تعقيب التعجيب والتأنيب :

( أو لو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون ؟ ) . .

وليس معنى هذا الاستنكار لاتباعهم لآبائهم ولو كانوا لا يعلمون شيئا ولا يهتدون ، أن لو كان يعلمون شيئا لجاز لهم اتباعهم وترك ما أنزل الله وترك بيان الرسول ! إنما هذا تقرير لواقعهم وواقع آبائهم من قبلهم . فآباؤهم كذلك كانوا يتبعون ما شرعه لهم آباؤهم أو ما شرعوه هم لأنفسهم . ولا يركن أحد إلى شرع نفسه أو شرع أبيه ، وبين يديه شرع الله وسنه رسوله ، إلا وهو لا يعلم شيئا ولا يهتدي ! وليقل عن نفسه أو ليقل عنه غيره ما يشاء : إنه يعلم وإنه يهتدي . فالله - سبحانه - أصدق وواقع الأمر يشهد . . وما يعدل عن شرع الله إلى شرع الناس إلا ضال جهول ! فوق أنه مفتر كفور !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ قَالُواْ حَسۡبُنَا مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ءَابَآؤُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ شَيۡـٔٗا وَلَا يَهۡتَدُونَ} (104)

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا } أي : إذا دعوا إلى دين الله وشرعه وما أوجبه وتَرْك ما حرمه ، قالوا : يكفينا ما وجدنا عليه الآباءَ والأجداد من الطرائق والمسالك ، قال الله تعالى { أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئًا } أي : لا يفهمون حقًا ، ولا يعرفونه ، ولا يهتدون إليه ، فكيف يتبعونهم والحالة هذه ؟ لا يتبعهم إلا من هو أجهل منهم ، وأضل سبيلا .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ قَالُواْ حَسۡبُنَا مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ءَابَآؤُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ شَيۡـٔٗا وَلَا يَهۡتَدُونَ} (104)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَىَ مَآ أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } . .

يقول تعالىّ ذكره : وإذا قيل لهؤلاء الذين يبحرون البحائر ويسيبون السوائب الذين لا يعقلون أنهم بإضافتهم تحريم ذلك إلى الله تعالى يفترون على الله الكذب : تعالوا إلى تنزيل الله وآي كتابه وإلى رسوله ، ليتبين لكم كذب قيلكم فيم تضيفونه إلى الله تعالى من تحريمكم ما تحرّمون من هذه الأشياء ، أجابوا من دعاهم إلى ذلك ، بأن يقولوا : حسبنا ما وجدنا عليه من قبلنا آباءنا يعملون به ، ويقولون : نحن لهم تبع وهم لنا أئمة وقادة ، وقد اكتفينا بما أخذنا عنهم ورضينا بما كانوا عليه من تحريم وتحليل . قال الله تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ولو كان آباء هؤلاء القائلين هذه المقالة لا يعلمون شيئا ، يقول : لم يكونوا يعلمون أن ما يضيفونه إلى الله تعالى من تحريم البحيرة والسائبة والوصيلة والحام كذب وفرية على الله ، لا حقيقة لذلك ولا صحة لأنهم كانوا أتباع المفترين ابتدأوا تحريم ذلك افتراء على الله بقيلهم ما كانوا يقولون من إضافتهم إلى الله تعالى ما يضيفون ما كانوا فيما هم به عاملون من ذلك على استقامة وصواب ، بل كانوا على ضلالة وخطأ .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ قَالُواْ حَسۡبُنَا مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ءَابَآؤُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ شَيۡـٔٗا وَلَا يَهۡتَدُونَ} (104)

{ وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا } بيان لقصور عقولهم وانهماكهم في التقليد وأن لا سند لهم سواه . { أو لو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون } الواو للحال والهمزة دخلت عليها لإنكار الفعل على هذه الحال ، أي أحسبهم ما وجدوا عليه آباءهم ولو كانوا جهلة ضالين ، والمعنى أن الاقتداء إنما يصح بمن علم أنه عالم مهتد وذلك لا يعرف إلا بالحجة فلا يكفي التقليد .