محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ قَالُواْ حَسۡبُنَا مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ءَابَآؤُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ شَيۡـٔٗا وَلَا يَهۡتَدُونَ} (104)

ولما بين تعالى أن أكثرهم لا يعقلون أن تحريم هذه الأشياء افتراء باطل حتى يخالفوهم ويهتدوا إلى الحق ، وإنما يقلدون قدماءهم- أشار إلى عنادهم واستعصائهم حينما هدوا إلى الحق ، وإلى ضلالهم ببقائهم في أسر التقليد ، بقوله سبحانه :

[ 104 ] { وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون ( 104 ) } .

{ وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله } من الكتاب المبين للحلال والحرام { وإلى الرسول } أي : الذي أنزل هو عليه ، لتقفوا على حقيقة الحال ، وتميزوا بين الحرام والحلال ، / فترفضوا تقليد القدماء المفترين على الله الكذب بالضلال { قالوا } أي : لإفراط جهلهم وانهماكهم في التقليد { حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا } أي كافينا ذلك . و { حسبنا } مبتدأ والخبر { ما وجدنا } و { ما } بمعنى الذي . والواو في قوله تعالى : { أولو كان آباؤهم } للحال . دخلت عليها همزة الإنكار . أي : أحسبهم ذلك ولو كان آباؤهم { لا يعلمون شيئا } أي : لا يعرفون حقا ولا يفهمونه { ولا يهتدون } أي : إليه . قال الزمخشري : والمعنى أن الاقتداء إنما يصح بالعالم المهتدي . وإنما يعرف اهتداؤه بالحجة . انتهى .

وقال الرازي : واعلم أن الاقتداء إنما يجوز بالعالم المهتدي . وإنما يكون عالما مهتديا إذا بنى قوله على الحجة والدليل . فإذا لم يكن كذلك لم يكن عالما مهتديا . فوجب أن لا يجوز الاقتداء به . انتهى .

وقال بعض مفسري الزيدية : ثمرة الآية قبح التقليد ووجوب النظر واتباع الحجة . ثم قال : وقد فسر التقليد بأنه قبول قول الغير من غير حجة . انتهى .