معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{تَنزِيلَ ٱلۡعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ} (5)

قوله تعالى : { تنزيل العزيز الرحيم } قرأ ابن عامر ، و حمزة ، و الكسائي ، و حفص : تنزيل بنصب اللام كأنه قال : نزل تنزيلاً ، وقرأ الآخرون بالرفع ، أي : هو تنزيل العزيز الرحيم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{تَنزِيلَ ٱلۡعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ} (5)

ثم مدح - سبحانه - كتابه بمدائح أخرى فقال : { تَنزِيلَ العزيز الرحيم } وقد قرأ بعض القراء السبعة : { تنزيل } بالنصب على المدح ، أو على المصدرية لفعل محذوف . أى : نزل الله - تعالى - القرآن تنزيل العزيز الرحيم .

وقرأ البعض الآخر : { تنزيل } بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف . أى : هذا القرآن هو تنزيل العزيز - الذى لا يغلبه غالب - ، الرحيم أى الواسع الرحمة بعباده .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{تَنزِيلَ ٱلۡعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ} (5)

( تنزيل العزيز الرحيم ) . .

يعرّف الله عباده بنفسه في مثل هذه المواضع ، ليدركوا حقيقة ما نزّل إليهم . فهو العزيز القوي الذي يفعل ما يريد . وهو الرحيم بعباده الذي يفعل بهم ما يفعل ، وهو يريد بهم الرحمة فيما يفعل .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{تَنزِيلَ ٱلۡعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ} (5)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

هذا القرآن هو {تنزيل} من {العزيز} في ملكه {الرحيم} بخلقه...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

اختلف القرّاء في قراءة قوله:"تَنْزِيلَ العَزِيزِ الرّحِيمِ"؛ فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة: «تَنْزِيلُ العَزِيز» برفع تنزيل، والرفع في ذلك يتجه من وجهين أحدهما: بأن يُجعل خبرا، فيكون معنى الكلام: إنه تنزيل العزيز الرحيم. والآخر: بالابتداء، فيكون معنى الكلام حينئذٍ: إنك لمن المرسلين، هذا تنزيل العزيز الرحيم. وقرأته عامة قرّاء الكوفة وبعض أهل الشام: "تَنْزِيلَ "نصبا على المصدر من قوله: "إنّكَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ" لأنّ الإرسال إنما هو عن التنزيل، فكأنه قيل: لمنزل تنزيل العزيز الرحيم حقا.

والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان مشهورتان في قرّاء الأمصار، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب. ومعنى الكلام: إنك لمن المرسلين يا محمد إرسال الربّ العزيز في انتقامه من أهل الكفر به، الرحيم بمن تاب إليه، وأناب من كفره وفسوقه أن يعاقبه على سالف جرمه بعد توبته له.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

ذلك القرآن الذي أقسم به {تنزيل العزيز الرحيم} أي من عنده نزل، وأُحكم. سمّى نفسه عزيزا عظيما لطيفا ظاهرا باطنا أولا وآخرا. وفي الشاهد من وُصف بالعز لا يوصف بالرحمة، ومن وصف بالعظمة لا يوصف باللطافة، ومن وُصف بالظاهر لا يوصف بأنه باطن، ومن وصف بالأول لا يوصف بالآخر؛ ليُعلم أن المعنى الذي وُصِف به الخلق غير الذي وُصف به الربّ تبارك وتعالى؛ لأن من وُصف من الخَلْق بواحد مما ذكرنا لم يستحق الوصف بالآخر.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

(العزيز): المتكبر الغني عن طاعة المطيعين.

(الرحيم): المُتَفَضِّل على عباده المؤمنين...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

إشارة إلى أن الملك إذا أرسل رسولا فالمرسل إليهم إما أن يخالفوا المرسل ويهينوا المرسل، وحينئذ لا يقدر الملك على الانتقام منهم إلا إذا كان عزيزا، أو يخافوا المرسل ويكرموا المرسل وحينئذ يرحمهم الملك، أو نقول المرسل يكون معه في رسالته منع عن أشياء وإطلاق لأشياء: فالمنع يؤكد العزة والإطلاق يدل على الرحمة.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

راجع إلى {القرآن الحكيم} [يس: 2] إذ هو المنزل من عند الله، فبعد أن استوفى القسم جوابه رجع الكلام إلى بعض المقصود من القسم وهو تشريف المقسم به فوسم بأنه {تنزيل العزيز الرحيم}.

والتنزيل: مصدر بمعنى المفعول أخبر عنه بالمصدر للمبالغة في تحقيق كونه منزلاً.

وأضيف التنزيل إلى الله بعنوان صفتي {العزيز الرحيم}؛ لأن ما اشتمل عليه القرآن لا يعدُو أن يكون من آثار عزة الله تعالى، وهو ما فيه من حمل الناس على الحق وسلوك طريق الهدى دون مصانعة ولا ضعف مع ما فيه من الإِنذار والوعيد على العصيان والكفران.

وأن يكون من آثار رحمته وهو ما في القرآن من نَصْب الأدلة وتقريب البعيد وكشف الحقائق للناظرين، مع ما فيه من البشارة للذين يكونون عند مرضاة الله تعالى، وذلك هو ما ورد بيانه بعدُ إجمالاً من قوله: {لتنذر قوماً ما أنذر آباؤهم فهم غافلون} [يس: 6] ثم تفصيلاً بقوله: {لقد حق القول على أكثرهم} [يس: 7] وبقوله: {إنما تُنذر من اتَّبع الذكر وخَشِيَ الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم} [يس: 11].

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

ساعةَ تسمع كلمة {تَنزِيلَ} فاعلم أنه من جهة العلو، وإنْ كان المنزَّل في باطن الأرض؛ لأنه في واقع الأمر جاء من الأعلى، كما في قوله تعالى:

{وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [الحديد: 25]... وقوله تعالى: {الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} ذكر سبحانه هنا صفة العزة وصفة الرحمة؛ لأن التنزيل من أعلى منهج يقيد حركة الإنسان بافعل كذا، ولا تفعل كذا، وأنت مختار تطيع أو تعصي، فالحق الذي شرع لك هذا المنهج يريد لك الخير؛ لأنه سبحانه لا يعود عليه شيء من طاعتك ولا تضره معصيتك.

إذن: أنت المقصود من هذه المسألة؛ لأن الله تعالى عزيز عن خَلْقه، ورحيم بهم، فإذا نظرتَ إلى العاصي المخالف لمنهج الله، فالله عزيز قادر على الانتقام، لا يقدر أحد أن يأخذك من قبضته تعالى، وإذا نظرتَ إلى المطيع، فالله رحيم.

وعلة الإنزال:

{لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ...}.