الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{تَنزِيلَ ٱلۡعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ} (5)

قوله تعالى : " تنزيل العزيز الرحيم " قرأ ابن عامر وحفص والأعمش ويحيى وحمزة والكسائي وخلف : " تنزيل " بنصب اللام على المصدر . أي نزل الله ذلك تنزيلا . وأضاف المصدر فصار معرفة كقوله : " فضرب الرقاب " [ محمد : 4 ] أي فضربا للرقاب . الباقون " تنزيل " بالرفع على خبر ابتداء محذوف أي هو تنزيل ، أو الذي أنزل إليك تنزيل العزيز الرحيم . هذا وقرئ : " تنزيل " بالجر على البدل من " القرآن " والتنزيل يرجع إلى القرآن . وقيل : إلى النبي صلى الله عليه وسلم . أي إنك لمن المرسلين ، وإنك " تنزيل العزيز الرحيم " . فالتنزيل على هذا بمعنى الإرسال . قال الله تعالى : " قد أنزل الله إليكم ذكرا . رسولا يتلوا عليكم " [ الطلاق :11 ] ويقال : أرسل الله المطر وأنزله بمعنى . ومحمد صلى الله عليه وسلم رحمة الله أنزلها من السماء . ومن نصب قال : إنك لمن المرسلين إرسالا من العزيز الرحيم . و " العزيز " المنتقم ممن خالفه " الرحيم " بأهل طاعته .