إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{تَنزِيلَ ٱلۡعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ} (5)

{ تَنزِيلَ العزيز الرحيم } نصب على المدحِ . وقرئ بالرَّفعِ على أنَّه خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ وبالجرِّ على أنه بدلٌ من القرآن وأيّاً ما كان فهو مصدرٌ بمعنى المفعولِ عبَّر به عن القرآنُ بياناً لكمال عراقتِه في كونه منزَّلاً من عند الله عزَّ وجلَّ كأنَّه نفس التَّنزيلِ وإظهار لفخامتِه الإضافية بعد بيان فخامتِه الذَّاتيَّةِ بوصفه بالحكمة وفي تخصيص الاسمينِ الكريمينِ المُعربينِ عن الغلبةِ التَّامةِ والرَّأفةِ العامَّةِ حثٌّ على الإيمانِ به ترهيباً وترغيباً وإشعارٌ بأنَّ تنزيلَه ناشئ عن غايةِ الرَّحمةِ حسبما نطقَ به قولُه تعالى : { وَمَا أرسلناك إِلاَّ رَحْمَةً للعالمين } [ سورة الأنبياء ، الآية107 ] وقيل : النَّصبُ على أنَّه مصدرٌ مؤكِّدٌ لفعله المضمرِ أي نزل تنزيل العزيزِ الرَّحيمِ على أنَّه استئنافٌ مسوقٌ لبيان ما ذُكر من فخامةِ شأنِ القُرآن وعلى كلِّ تقديرٍ ففيهِ فضلُ تأكيدٍ لمضمونِ الجملة القسميةِ