اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{تَنزِيلَ ٱلۡعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ} (5)

قوله : { تَنزِيلَ العزيز الرحيم } قرأ نافعٌ وابنُ كَثيروأبُو عمرو وأبو بكر{[45687]} برفع «تنزيلُ » على أنه خبر مبتدأ مضمر{[45688]} أي هُو تنزيل . ويجوز أن يكون خبراً لمبتدأ إذا جعلت{[45689]} «يس » اسماً للسورة أي هذه السورة المسمّاة ب «يس » تنزيلٌ ، أو هذه الأحرف المقطعة تنزيلٌ .

والجملة{[45690]} القسمية على هذا اعتراض . والباقون بالنصب على المصدر{[45691]} كأنه قال : نَزَلَ تَنْزِلَ العَزِيزِ الرحيم لتنذر . أو على أنه مفعول بفعل مَنْوِيِّ{[45692]} كأنه قال والقرآن الحكيم أعني تَنْزِيل العزيز الرحيم إنك لمن المرسلين لتنذر . وهذا اختيار الزمخشري . وهو المراد بقوله : «أو عَلَى المَدْح »{[45693]} . وهو في المعنى كالرفع على خبر ابتداء مضمر . و «تنزيل » مصدر مضاف لفاعله{[45694]} .

وقيل : هو بمعنى منزِّل{[45695]} . وقرأ أبو حيوة واليزيدي وأبو جعفر يزيد بن القعقاع وشيبة تَنْزِيل بالجر{[45696]} على النعت للقرآن أو البدل منه{[45697]} ، كأن قال : والقُرْآن الحكيم تنزيل العزيز الرحيم إنك لمن المرسلين .

وقوله : { العزيز الرحيم } إشارة إلى أن الملك إذا أرسل فالمرسَلُ إليهم إما أن يخالفوا المرسل ويُعِينُوا المُرْسَل ، وحينئذ لا يقدر الملك على الانتقام منهم إلا إذا كان عزيزاً ، أو يخافوا المُرْسِل ويكرموا المُرْسَل وحينئذ يرحمهم الملك . أو يقال : المُرْسَلُ يكون معه في رسالته مَنْعٌ عن أشياء وإطلاق لأشياء والمنع يؤكده العزة والإطلاق يدل على الرحمة{[45698]} .


[45687]:ينظر: حجة ابن خالويه 297 و 298 والنشر 2/353 والسبعة 539 والإتحاف 363 ومعاني الفراء 2/272 ومعاني الزجاج 4/278.
[45688]:إعراب القرآن للنحاس 3/383 والبيان 2/290 والتبيان 1078 ومشكل إعراب القرآن 2/221 ومعاني الزجاج 4/278.
[45689]:الدر المصون 4/494.
[45690]:في "ب" فالجملة.
[45691]:المراجع السابقة.
[45692]:الكشاف 3/314 وانظر في الرفع والنصب على المصدر البحر المحيط 7/323.
[45693]:الكشاف 3/314.
[45694]:البيان 2/210.
[45695]:التبيان 1078.
[45696]:قراءة شاذة. انظر: البحر المحيط 7/323 ومختصر ابن خالويه 124.
[45697]:النحاس 4/383 والبيان 2/290 والمشكل 2/222 والتبيان 1078 والكشاف 3/314 والبحر 7/323 والدر المصون 4/494 والقرطبي 15/6 والرازي 26/40.
[45698]:الرازي 26/40.