معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَتَوۡاْ عَلَى ٱلۡقَرۡيَةِ ٱلَّتِيٓ أُمۡطِرَتۡ مَطَرَ ٱلسَّوۡءِۚ أَفَلَمۡ يَكُونُواْ يَرَوۡنَهَاۚ بَلۡ كَانُواْ لَا يَرۡجُونَ نُشُورٗا} (40)

قوله تعالى : { ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء } يعني الحجارة ، وهي قريات قوم لوط ، وكانت خمس قرى ، فأهلك الله أربعاً منها ، وبقيت واحدة ، وهي أصغرها ، وكان أهلها لا يعملون العمل الخبيث ، { أفلم يكونوا يرونها } إذا مروا بهم في أسفارهم فيعتبروا ويتفكروا ، لأن مدائن قوم لوط كانت على طريقهم عند ممرهم إلى الشام ، { بل كانوا لا يرجون } لا يخافون ، { نشوراً } بعثاً .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَتَوۡاْ عَلَى ٱلۡقَرۡيَةِ ٱلَّتِيٓ أُمۡطِرَتۡ مَطَرَ ٱلسَّوۡءِۚ أَفَلَمۡ يَكُونُواْ يَرَوۡنَهَاۚ بَلۡ كَانُواْ لَا يَرۡجُونَ نُشُورٗا} (40)

ثم وبخ - سبحانه - مشركى مكة على عدم اعتبارهم واتعاظهم بما يرون من آثار فقال - تعالى - : { وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى القرية التي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السوء أَفَلَمْ يَكُونُواْ يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً } .

والمراد بالقرية هنا : قرية سدوم التى هى أكبر قرى قوم لوط ، والتى جعل الله - تعالى - عاليها سافلها . والمراد بما أمطرت به : الحجارة التى أنزلها الله - تعالى - عليها ، كما قال - تعالى - : { فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ } والسوء - بفتح السين وتشديدها - مصدر ساءه . أى : فعل به ما يكره . والسوء - بالضم والتشديد- اسم منه .

والاستفهام فى قوله - تعالى - : { أَفَلَمْ يَكُونُواْ يَرَوْنَهَا } للتقريع والتوبيخ على عدم الاعتبار بما يرونه من أمور تدعو كل عاقل إلى التدبر والتفكر والاتعاظ .

أى : أقسم لك - أيها الرسول الكريم - أن هؤلاء الذين اتخذوا القرآن مهجورا ، كانوا وما زالوا يمرون مصبحين وبالليل على قرية قوم لوط ، التى دمرناها تدميرا ، بسبب فسوق أهلها وفجورهم ، وكانوا يرون ما حل بها من خراب . .

ولكنهم لكفرهم بك والبعث والحساب ، لم يتأثروا بما رأوا ، ولم يعتبروا بما شاهدوا ، وسيندمون يوم القيامة على كفرهم ولكن لن ينفعهم الندم .

وصدر - سبحانه - الآية الكريمة بلام القسم وقد ، لتأكيد رؤيتهم لتلك القرية التى أمطرت مطر السوء .

والمراد برؤيتها ، رؤية ما حل بها من خراب ودمار كما قال - تعالى - : { وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ وبالليل أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } وقوله - سحانه - : { بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً } بيان للسبب الذى جعلهم لا يعتبرون ولا يتعظون .

أى : أنهم كانوا يرون عاقبة أهل تلك القرية التى جعلنا عاليها سافلها ، ولكن تكذيبهم بالبعث والنشور ، والثواب والعقاب يوم القيامة ، حال بينهم وبين الاعتبار والاتعاظ والإيمان بالحق ، وجعلهم يمرون بما يدعو إلى التدبر والتفكر ، ولكنهم لعدم توقعهم للقاء الله ، ولعدم إيمانهم بالجزاء يوم القيامة قست قلوبهم وانطمست بصائرهم ، وصاروا كما قال - تعالى - : { وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السماوات والأرض يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بالله إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَتَوۡاْ عَلَى ٱلۡقَرۡيَةِ ٱلَّتِيٓ أُمۡطِرَتۡ مَطَرَ ٱلسَّوۡءِۚ أَفَلَمۡ يَكُونُواْ يَرَوۡنَهَاۚ بَلۡ كَانُواْ لَا يَرۡجُونَ نُشُورٗا} (40)

21

والسياق يستعرض هذه الأمثلة ذلك الاستعراض السريع لعرض هذه المصارع المؤثرة . وينهيها بمصرع قوم لوط وهم يمرون عليه في سدوم في رحلة الصيف إلى الشام . وقد أهلكها الله بمطر بركاني من الأبخرة والحجارة فدمرها تدميرا . ويقرر في نهايته أن قلوبهم لا تعتبر ولا تتأثر لأنهم لا ينتظرون البعث ، ولا يرجون لقاء الله فذلك سبب قساوة تلك القلوب . وانطماسها . ومن هذا المعين تنبع تصرفاتهم واعتراضاتهم وسخرياتهم من القرآن ومن الرسول .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَتَوۡاْ عَلَى ٱلۡقَرۡيَةِ ٱلَّتِيٓ أُمۡطِرَتۡ مَطَرَ ٱلسَّوۡءِۚ أَفَلَمۡ يَكُونُواْ يَرَوۡنَهَاۚ بَلۡ كَانُواْ لَا يَرۡجُونَ نُشُورٗا} (40)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الّتِيَ أُمْطِرَتْ مَطَرَ السّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُواْ يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً } .

يقول تعالى ذكره : ولقد أتى هؤلاء الذين اتخذوا القرآن مهجورا على القرية التي أمطرها الله مطر السوء وهي سدوم ، قرية قوم لوط . ومطر السوء : هو الحجارة التي أمطرها الله عليهم فأهلكهم بها . كما :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج وَلَقَدْ أتَوْا عَلى القَرْيَةِ التي أمْطِرَتْ مَطَر السّوءِ قال : حجارة ، وهي قرية قوم لوط ، واسمها سدوم . قال ابن عباس : خمس قريّات ، فأهلك الله أربعة ، وبقيت الخامسة ، واسمها صعوة . لم تهلك صعوة . كان أهلها لا يعملون ذلك العمل ، وكانت سدوم أعظمها ، وهي التي نزل بها لوط ، ومنها بعث . وكان إبراهيم صلى الله عليه وسلم ينادي نصيحة لهم : يا سدوم ، يوم لكم من الله ، أنهاكم أن تعرّضوا لعقوبة الله ، زعموا أن لوطا ابن أخي إبراهيم صلوات الله عليهما .

وقوله : أفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها يقول جلّ ثناؤه : أو لم يكن هؤلاء المشركون الذين قد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء يرون تلك القرية ، وما نزل بها من عذاب الله بتكذيب أهلها رسلهم ، فيعتبروا ويتذكروا ، فيراجعوا التوبة من كفرهم وتكذيبهم محمدا صلى الله عليه وسلم بَلْ كَانُوا لا يَرَجُونَ نُشُورا يقول تعالى ذكره : ما كذّبوا محمدا فيما جاءهم به من عند الله ، لأنهم لم يكونوا رأوا ما حلّ بالقرية التي وصفت ، ولكنهم كذّبوه من أجل أنهم قوم لا يخافون نشورا بعد الممات ، يعني أنهم لا يوقنون بالعقاب والثواب ، ولا يؤمنون بقيام الساعة ، فيردعهم ذلك عما يأتون من معاصي الله . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج أفَلَمْ يكُونُوا يَرَوْنَها ، بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُورا : بعثا .