فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَقَدۡ أَتَوۡاْ عَلَى ٱلۡقَرۡيَةِ ٱلَّتِيٓ أُمۡطِرَتۡ مَطَرَ ٱلسَّوۡءِۚ أَفَلَمۡ يَكُونُواْ يَرَوۡنَهَاۚ بَلۡ كَانُواْ لَا يَرۡجُونَ نُشُورٗا} (40)

{ وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ } مستأنفة مبينة لمشاهدتهم لآثار هلاك بعض الأمم ، وضمن أتى معنى مر لأنه يستعمل متعديا بنفسه أو بإلى ، والمعنى ولقد أتى مشركو مكة في أسفارهم إلى الشام ، على قرية قوم لوط ، وهي سدوم ، وهي أعظم قرى قومه وكانت خمسا . أهلك الله أربعا مع أهلها ، وبقيت واحدة ، وهي أصغرها ، وكان أهلها لا يعمل الخبائث .

{ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ } وهي الحجارة ، قاله ابن عباس ، والأمطار معناه الرمي ، أي هلكت بالحجارة ، التي أمطروا بها ، ورميت رمي الحجارة ، والمعنى أعطيتها وأوليتها ، مطر السوء ، أي أمطارا مثل مطر السوء وقد تقدم ، تفسير السوء في براءة { أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا } الاستفهام للتقريع والتوبيخ أي يرون القرية المذكورة عند سفرهم إلى الشام للتجارة ، فإنهم يمرون بها مرارا أي : يرون آثارها ، وآثار ما حل بأهلها ، وقيل : للتقرير ، أي : حمل المخاطب على الإقرار بما يعرفه ، وهو ما بعد النفي ، أي : ليقروا بأنهم رأوها حتى يعتبروا بها ، والفاء للعطف على مقدر ، أي لم يكونوا ينظرون إليها فلم يكونوا يرونها ، أو كانوا ينظرون إليها فلم يكونوا يرونها في مرات مرورهم ليتعظوا بما كانوا يشاهدونه من آثار العذاب ، فالمنكر في الأول : ترك النظر وعدم الرؤية معا ، والمنكر في الثاني : عدم الرؤية مع تحقق النظر ، الموجب لها .

{ بَلْ كَانُوا لا يَرْجُونَ } أي : لا يأملون { نُشُورًا } أي بعثا أضرب سبحانه عما سبق ، من عدم رؤيتهم لتلك الآثار ، إلى عدم رجاء البعث منهم ، المستلزم لعدم رجائهم للجزاء ، أو معنى يرجون يخافون ، على اللغة التهامية