البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَقَدۡ أَتَوۡاْ عَلَى ٱلۡقَرۡيَةِ ٱلَّتِيٓ أُمۡطِرَتۡ مَطَرَ ٱلسَّوۡءِۚ أَفَلَمۡ يَكُونُواْ يَرَوۡنَهَاۚ بَلۡ كَانُواْ لَا يَرۡجُونَ نُشُورٗا} (40)

والضمير في { ولقد أتوا } لقريش كانوا يمرون على سدوم من قرى قوم لوط في متاجرهم إلى الشام وكانت قرى خمسة أهلك الله منها أربعاً وبقيت واحدة وهي زغر لم يكن أهلها يعملون ذلك العمل قاله ابن عباس و { مطر السوء } الحجارة التي أمطرت عليهم من السماء فهلكوا .

وكان إبراهيم عليه السلام ينادي نصيحة لكم : يا سدوم يوم لكم من الله عز وجل أنهاكم أن تتعرضوا للعقوبة من الله ، ومعنى { أتوا } مروا فلذلك عداه بعلى .

وأفرد لفظ القرية وإن كانت قرى لأن سدوم هي أم تلك القرى وأعظمها .

وقال مكي : الضمير في { أتوا } عائد على الذين اتخذوا القرآن مهجوراً انتهى .

وهم قريش وانتصب { مطر } على أنه مفعول ثان لأمطرت على معنى أوليت ، أو على أنه مصدر محذوف الزوائد أي إمطار السوء .

{ أفلم يكونوا يرونها } أن ينظرون إلى ما فيها من العبر والآثار الدالة على ما حل بها من النقم كما قال { وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل } وقال { وإنهما لبإمام مبين } وهو استفهام معناه التعجب ومع ذلك فلم يعتبروا برؤيتها أن يحل بهم في الدنيا ما حل بأولئك ، بل كانوا كفرة لا يؤمنون بالبعث فلم يتوقعوا عذاب الآخرة وضع الرجاء موضع التوقع لأنه إنما بتوقع العاقبة من يؤمن ، فمن ثم لم ينظروا ولم يتفكروا ومروا بها كما مرت ركابهم ، أو لا يأملون { نشوراً } كما يأمله المؤمنون لطمعهم إلى ثواب أعمالهم أو لا يخافون على اللغة التهامية .

وقرأ زيد بن عليّ مطرت ثلاثي مبنياً للمفعول ومطر متعد .

قال الشاعر :

كمن بواديه بعد المحل ممطور . . .

وقرأ أبو السماك { مطر السوء } بضم السين .