معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ} (4)

أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنبأنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي ، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار ، أنبأنا أبو جعفر محمد بن غالب بن تمام الضبي ، حدثنا حرمي بن حفص القسملي ، حدثنا عكرمة بن إبراهيم الأزدي ، حدثنا عبد الكريم بن عمير ، عن مصعب بن سعد ، عن أبيه أنه قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن { الذين هم عن صلاتهم ساهون } قال : إضاعة الوقت " . قال ابن عباس : هم المنافقون يتركون الصلاة إذا غابوا عن الناس ، ويصلونها في العلانية إذا حضروا ، لقوله تعالى :{ الذين هم يراؤون } ، وقال في وصف المنافقين :{ وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس }( النساء- 142 ) . وقال قتادة : ساه عنها ، لا يبالي صلى أم لم يصل . وقيل : لا يرجون لها ثواباً إن صلوا ، ولا يخافون عقاباً إن تركوا . وقال مجاهد : غافلون عنها يتهاونون بها . وقال الحسن : هو الذي إن صلاها صلاها رياءً ، وإن فاتته لم يندم . وقال أبو العالية : لا يصلونها لمواقيتها ، ولا يتمون ركوعها وسجودها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ} (4)

لما كان الأمر كذلك ، وصف - سبحانه - هؤلاء المكذبين بالبعث والجزاء بأوصاف أخرى ، فقال : { فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ . الذين هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ . الذين هُمْ يُرَآءُونَ . وَيَمْنَعُونَ الماعون } .والفاء في قوله : { فَوَيْلٌ } للتفريع والتسبب ، والويل : الدعاء بالهلاك والعذاب الشديد .

وهو مبتدأ ، وقوله { لِّلْمُصَلِّينَ } خبره ، والمراد بالسهو هنا : الغفلة والترك وعدم المبالاة .

أى : فهلاك شديد ، وعذاب عظيم ، لمن جمع هذه الصفات الثلاث ، بعد تكذيبه بيوم الدين ، وقسوته على اليتيم ، وامتناعه عن إطعام المسكين .

وهذه الصفات الثلاث أولها : الترك للصلاة ، وعدم المبالاة بها ، والإِخلال بشروطها وأركانها وسننها وآدابها .

وثانيها : أداؤها رياء وخداعا ، لا عن إخلاص وطاعة لله رب العالمين ، كما قال - تعالى - :

{ إِنَّ المنافقين يُخَادِعُونَ الله وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قاموا إِلَى الصلاة قَامُواْ كسالى يُرَآءُونَ الناس وَلاَ يَذْكُرُونَ الله إِلاَّ قَلِيلاً }

وثالثها : منع الماعون : أي منع الخير والمعروف والبر عن الناس . فالمراد بمنع الماعون : مع كل فضل وخير عن سواهم . فلفظ " الماعون " أصله " معونة " ، والألف عوض من الهاء . والعون : هو مساعدة الغير على بلوغ حاجته . . فالمراد بالماعون : ما يستعان به على قضاء الحوائج ، من إناء ، أو فأس ، أو نار ، أو ما يشبه ذلك .

ومنهم من يرى أن المراد بالماعون هنا : الزكاة ؛ لأنه جرت عادة القرآن الكريم أن يذكر الزكاة بعد الصلاة .

قال الإِمام ابن كثير : قوله : { وَيَمْنَعُونَ الماعون } أى : لا أحسنوا عبادة ربهم ، ولا أحسنوا إلى خلقه ، حتى ولا بإعارة ما ينتفع به ، ويستعان به ، مع بقاء عينه ورجوعه إليهم ، فهؤلاء لمنع الزكاة ومنع القربات أولى وأولى . .

وسئل ابن مسعود عن الماعون فقال : هو ما يتعاوره الناس بينهم من الفأس والقِدْر . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ} (4)

ثم يرتب على هذه الحقيقة الأولى صورة تطبيقية من صورها :

فويل للمصلين ، الذين هم عن صلاتهم ساهون ، والذين هم يراؤون ويمنعون الماعون إنه دعاء أو وعيد بالهلاك للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون . . فمن هم هؤلاء الذين هم عن صلاتهم ساهون !

إنهم ( الذين يراءون ويمنعون الماعون ) . .

إنهم أولئك الذين يصلون ، ولكنهم لا يقيمون الصلاة .