قوله : { فَوَيْلٌ } مبتدأ ، ومعناه : عذابٌ لهم ، وقوله : { لِّلْمُصَلِّينَ } خبر والفاء للسبب ، أي : تسبب عن هذه الصفات الذَّميمة الدعاء عليهم بالويل .
قال الزمخشريُّ بعد قوله{[60929]} : «كأنه قيل : أخبرني » : وما تقول فيمن يكذب بالدين أنعم ما يصنع ، ثم قال تعالى : { فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ } على معنى : فويل لهم ، إلا أنه وضع صفتهم موضع ضميرهم ؛ لأنهم كانوا مع التكذيب وما أضيف إليهم ساهين عن الصلاة ، مرائين غير مزكين أموالهم .
فإن قلت : كيف جعلت المصلين قائماً مقام الضمير { الذي يُكذِّبُ بالدينِ } ، وهو واحد ؟ قلت : معناه الجمع ؛ لأن المراد الجنس . قال أبو حيان{[60930]} : وأما وضعه المصلين موضع الضمير ، وأن «المُصلِّينَ » جمع ؛ لأن ضمير «الذي يُكذِّبُ » معناه الجمع ، فتكلُّف واضح ، ولا ينبغي أن يحمل القرآن إلاَّ ما عليه الظَّاهر ، وعادة هذا الرجل يتكلف أشياء في فهم القرآن ليست بواضحة .
قال شهاب الدين{[60931]} : وعادة هذا الرجل التَّحامل على الزمخشري ، حتى يجعل حسنهُ قبيحاً ، وكيف يرد ما له ، وفيه ارتباط الكلام بعضه ببعض ، وجعله شيئاً واحداً ، وما تضمنه من المبالغة في الوعيد في إبراز وصفهم الشنيع ، ولا شكَّ أن الظاهر من الكلام أن السورة كلها في وصف قد جمعوا بين هذه الأوصاف كلها من التكذيب بالدين ، ودفع اليتيم ، وعدم الحضّ على طعام المسكينِ ، والسهو في الصلاة ، والمراءاة ومنع الخيرِ .
قوله : { الذين هُمْ } ، يجوز أن يكون مرفوع المحل ، وأن يكون منصوبه ، وأن يكون مجروره ، تابعاً أو بدلاً أو بياناً ، وكذلك الموصول الثاني ، إلاَّ أنه يحتمل أن يكون تابعاً للمصلين ، وأن يكون تابعاً للموصول الأول .
وقوله : { يُرَآءُونَ } أصله : يرائيون ك «يقاتلون » ، ومعنى المراءاة : أي : أن المرائي يُري النَّاس عمله ، وهم يرون الثَّناء عليه ، فالمفاعلة فيها واضحة ، وقد تقدم تحقيقه .
فصل في اتصال هذه الآية بما قبلها
في اتصال هذه الآية بما قبلها وجوه :
الأول : أنه لما كان إيذاء اليتيم ، والمنع من بذل طعام المسكين ، دليلاً على النفاق ، كانت هاتين الخصلتين معاملة مع المخلوق .
والثاني : أنه تعالى لما ذكر هاتين الخصلتين مع التكذيب بيوم الدين ، قال : أليس الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ؟ فقال : ويلٌ له من هذه الصلاة ، كيف لا تنهاه عن هذه الأفعال المنكرة .
والثالث : كأنه يقول : إقدامه على إيذاء اليتيم ، وتركه للحث على طعام المسكين تقصير في الشَّفقة على خلق الله تعالى ، وسهوه في الصلاة تقصير في التعظيم لأمر الله تعالى ، فلما وقع التقصير في الأمرين كملتْ شقاوته .
فصل في المراد بالمرائي في الصلاة
قال ابنُ عباس : هو المصلي ، الذي إذا صلّى لم يرجُ لها ثواباً ، وإن تركها لم يخشَ عليها عقاباً .
وعنه أيضاً : الذين يؤخرونها عن أوقاتها{[60932]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.