معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَءَايَةٞ لَّهُمُ ٱلۡأَرۡضُ ٱلۡمَيۡتَةُ أَحۡيَيۡنَٰهَا وَأَخۡرَجۡنَا مِنۡهَا حَبّٗا فَمِنۡهُ يَأۡكُلُونَ} (33)

قوله تعالى : { لدينا محضرون وآية لهم الأرض الميتة أحييناها } :بالمطر ، { وأخرجنا منها حباً } يعني : الحنطة والشعير وما أشبههما ، { فمنه يأكلون } أي : من الحب .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَءَايَةٞ لَّهُمُ ٱلۡأَرۡضُ ٱلۡمَيۡتَةُ أَحۡيَيۡنَٰهَا وَأَخۡرَجۡنَا مِنۡهَا حَبّٗا فَمِنۡهُ يَأۡكُلُونَ} (33)

ثم ساق - سبحانه - بعد ذلك ألوانا من الأدلة الدالة على وحدانيته وقدرته ، وهذه الأدلة منها ما هو أرضى ، ومنها ما هو سماوى ، ومنه ما هو بحري ، وكلها تدل - أيضا - على فضله ورحمته ، قال - تعالى - :

{ وَآيَةٌ لَّهُمُ الأرض الميتة . . . } .

قال الإِمام الرازى ما ملخصه قوله : { وَآيَةٌ لَّهُمُ الأرض الميتة أَحْيَيْنَاهَا } وجه تعلقه بما قبله ، أنه - سبحانه - لما قال : { وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ } كان ذلك إشارة إلى الحشر ، فذكر ما يدل على إمكانه قطعا لإِنكارهم واستبعادهم ، وعنادهم فقال : { وَآيَةٌ لَّهُمُ الأرض الميتة أَحْيَيْنَاهَا . . . } أى : وكذلك نحيى الموتى . . .

والمراد بالآية هنا : العلامة والبرهان والدليل .

والمراد بالأرض الميتة : الأرض الجدباء التى لا نبات فيها .

والمراد بالحب : جنسه من حنطة وشعير وغيرهما .

أى : ومن العلامات الواضحة لهؤلاء المشركين على قدرتنا على إحياء الموتى ، أننا ننزل الماء على الأرض الجدباء ، فتهتز وتربو ، وتخرج ألوانا وأصنافا من الحبوب التى يعيشون عليها . ويأكلون منها .

وذكر - سبحانه - لفظ { آية } للإِشعار بأنها آية عظيمة ، كان ينبغى لهؤلاء المشركين أن يلتفتوا إليها ، لأنهم يشاهدون بأعينهم الأرض القاحلة السوداء ، كيف تتحول إلى أرض خضراء بعد نزول المطر عليها .

والله - تعالى - الذى قدر على ذلك ، قادر - أيضا - على إحياء الموتى وإعادتهم إلى الحياة .

وقوله : { أَحْيَيْنَاهَا } كلام مستأنف مبين لكيفية كون الأرض الميتة آية .

وقدم - سبحانه - الجار والمجرور فى قوله : { فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ } للدلالة على أن الحَبَّ هو الشئ الذى تكون منه معظم المأكولات التى يعيشون عليها ، وأن قِلَّتَه تؤدى إلى القحط والجوع .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَءَايَةٞ لَّهُمُ ٱلۡأَرۡضُ ٱلۡمَيۡتَةُ أَحۡيَيۡنَٰهَا وَأَخۡرَجۡنَا مِنۡهَا حَبّٗا فَمِنۡهُ يَأۡكُلُونَ} (33)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَآيَةٌ لّهُمُ الأرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ *( 33 ) . }

يقول تعالى ذكره : ودلالة لهؤلاء المشركين على قُدرة الله على ما يشاء ، وعلى إحيائه من مات من خلقه وإعادته بعد فنائه ، كهيئته قبل مماته إحياؤه الأرض الميتة ، التي لا نبت فيها ولا زرع بالغيث الذي ينزله من السماء حتى يخرج زرعها ، ثم إخراجه منها الحبّ الذي هو قوت لهم وغذاء ، فمنه يأكلون .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَءَايَةٞ لَّهُمُ ٱلۡأَرۡضُ ٱلۡمَيۡتَةُ أَحۡيَيۡنَٰهَا وَأَخۡرَجۡنَا مِنۡهَا حَبّٗا فَمِنۡهُ يَأۡكُلُونَ} (33)

{ وآية لهم الأرض الميتة } وقرأ نافع بالتشديد . { أحييناها } خبر ل { الأرض } ، والجملة خبر { آية } أو صفة لها ، إذ لم يرد بها معينة وهي أو المبتدأ والآية خبرها ، أو استئناف لبيان كونها { آية } . { وأخرجنا منها حبا } : جنس الحب . { فمنه يأكلون } :قدم الصلة للدلالة على أن الحب معظم ما يؤكل ويعاش به .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَءَايَةٞ لَّهُمُ ٱلۡأَرۡضُ ٱلۡمَيۡتَةُ أَحۡيَيۡنَٰهَا وَأَخۡرَجۡنَا مِنۡهَا حَبّٗا فَمِنۡهُ يَأۡكُلُونَ} (33)

{ وآية } معناه :علامة على الحشر وبعث الأجساد ، والضمير في { لهم } يراد به كفار قريش ، وقرأ نافع وشيبة وأبو جعفر : { الميِّتة } بكسر الياء وشدها ، وقرأ أبو عمرو وعاصم :{ الميْتة } بسكون الياء ، وإحياؤها بالمطر .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَءَايَةٞ لَّهُمُ ٱلۡأَرۡضُ ٱلۡمَيۡتَةُ أَحۡيَيۡنَٰهَا وَأَخۡرَجۡنَا مِنۡهَا حَبّٗا فَمِنۡهُ يَأۡكُلُونَ} (33)

عطف على قصة { واضرب لهم مثلاً أصحاب القرية } [ يس : 13 ] فإنه ضرب لهم مثلاً لحال إعراضهم وتكذيبهم الرسول صلى الله عليه وسلم وما تشتمل عليه تلك الحال من إشراك وإنكار للبعث وأذى للرسول صلى الله عليه وسلم وعاقبة ذلك كله . ثم أعقب ذلك بالتفصيل لإِبطال ما اشتملت عليه تلك الاعتقادات من إنكار البعث ومن الإِشراك بالله .

وابتدىء بدلالة تقريب البعث لمناسبة الانتقال من قوله : { وإن كُلٌّ لَما جَمِيعٌ لدينا مُحْضَرُون } [ يس : 32 ] على أن هذه لا تخلو من دلالتها على الانفراد بالتصرف ، وفي ذلك إثبات الوحدانية .

و { وءَايَةٌ } مبتدأ و { لَّهُمُ } صفة { آية } ، و { الأرْضُ } خبر { آية } ، و { المَيْتَةُ } صفة { الأرْضُ } . وجملة { أحْيَيْناهَا } في موضع الحال من { الأرْضُ } وهي حال مقيدة لأن إحياء الأرض هو مناط الدلالة على إمكان البعث بعد الموت ، أو يكون جملة { أحْيَيْناها } بياناً لجملة { آية لهم الأرض } لبيان موقع الآية فيها ، أو بدل اشتمال من جملة { آية لهم الأرض } ، أو استئنافاً بيانياً كأنّ سائلاً سأل : كيف كانت الأرض الميتة ؟

وموت الأرض : جفافها وجَرازتها لخلوّها من حياة النبات فيها ، وإحياؤها : خروج النبات منها من العشب والكلأ والزرع .

وقرأ نافع وأبو جعفر { المَيِّتَةُ } بتشديد الياء . وقرأ الباقون بتخفيف الياء ، والمعنى واحد وهما سواء في الاستعمال .

والحبّ : اسم جمع حبّة ، وهو بَزرة النبت مثل البُرّة والشعيرة . وقد تقدم عند قوله تعالى : { كمثل حبة أنبتت سبع سنابل } في سورة البقرة ( 261 ) .

وإخراج الحب من الأرض : هو إخراجه من نباتها فهو جاء منها بواسطة . وهذا إدماج للامتنان في ضمن الاستدلال ولذلك فرّع عليه { فَمِنْهُ يأكلون . } وتقديم { منه } على { يأكُلُونَ } للاهتمام تنبيهاً على النعمة ولرعاية الفاصلة .