تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَءَايَةٞ لَّهُمُ ٱلۡأَرۡضُ ٱلۡمَيۡتَةُ أَحۡيَيۡنَٰهَا وَأَخۡرَجۡنَا مِنۡهَا حَبّٗا فَمِنۡهُ يَأۡكُلُونَ} (33)

الآية 33 وقوله تعالى : { وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبًّا فمنه يأكلون } جائز أن يكون قوله : { وآية لهم } أي : آية البعث لهم ما رأوا الأرض الميتة في وقت يابسة ، لا نبات فيها ، ولا شيء ، ثم رأوها حيّة مخضرّة متزيّنة بأنواع النبات متلوّنة بألوان الخارج منها ، فيُخبر إن من قدر على هذا لقادر على إحياء الموتى بعد ما بليت أجسادهم ، وصاروا رمادا ، وإن من قدر على هذا لا يعجزه شيء ، ولا يصعب عليه شيء . فهذه آية ظاهرة على البعث مشاهدة محسوسة .

وفيه آية يُحتاج إلى أن يستخرج منها الحكمة ، وهو ما ذكر { وأخرجنا منها حبًّا فمنه يأكلون } أنه لما أخرج من الأرض حبا ، وجعل غذاءهم فيه من غير أن يستوجبوا ذلك منه ، دل أنه إنما جعل ليمتحنهم بأنواع المحن على علم منه أن منهم من يشكر ، ومنهم من يكفر ، وقد سوّى بينهم في هذه بين الكافر منهم وبين الشاكر ، فلا بد من دار أخرى ، فيها يقع التمييز بينهم : الثواب للشاكر ، والعقاب للكافر ، إذ في الحكمة التفريق لا الجمع . وعلى ذلك ما ذكر من جعل الجنان لهم والنخيل والأعناب وتفجير العيون وغيره .