فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَءَايَةٞ لَّهُمُ ٱلۡأَرۡضُ ٱلۡمَيۡتَةُ أَحۡيَيۡنَٰهَا وَأَخۡرَجۡنَا مِنۡهَا حَبّٗا فَمِنۡهُ يَأۡكُلُونَ} (33)

ثم ذكر سبحانه البرهان على التوحيد ، والحشر مع تعداد النعم ، وتذكيرها ، فقال : { وَءايَةٌ لَّهُمُ الأرض الميتة } ، فآية خبر مقدّم ، وتنكيرها للتفخيم ، ولهم صفتها ، أو متعلقة بآية ؛ لأنها بمعنى : علامة ، والأرض مبتدأ ، ويجوز : أن تكون { آية } مبتدأ لكونها قد تخصصت بالصفة ، وما بعدها الخبر . قرأ أهل المدينة { الميتة } بالتشديد ، وخففها الباقون ، وجملة { أحييناها } مستأنفة مبينة لكيفية كونها آية ، وقيل : هي صفة للأرض ، فنبههم الله بهذا على إحياء الموتى ، وذكرهم نعمه ، وكمال قدرته ، فإنه سبحانه أحيا الأرض بالنبات : وأخرج منها الحبوب التي يأكلونها ، ويتغذون بها ، وهو معنى قوله : { وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ } وهو ما يقتاتونه من الحبوب ، وتقديم { منه } للدلالة على أن الحبّ معظم ما يؤكل ، وأكثر ما يقوم به المعاش .

/خ40