لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{وَءَايَةٞ لَّهُمُ ٱلۡأَرۡضُ ٱلۡمَيۡتَةُ أَحۡيَيۡنَٰهَا وَأَخۡرَجۡنَا مِنۡهَا حَبّٗا فَمِنۡهُ يَأۡكُلُونَ} (33)

قوله جل ذكره : { وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ } .

لمَّا كان أمرُ البعث أعظمَ شُبَهِهِمْ ، وكَثُرَ فيه إنكارُهم كان تكرارُ الله سبحانه لحديث البعث ، وقد ضَرَبَ - سبحانه - المَثَلَ له بإحياء الأرض بالنبات في الكثير من الآيات . والعَجَبُ ممَّنْ يُنْكِر علومَ الأصول ويقول ليس في الكتاب عليها دليل ! وكيف يشكل ذلك وأكثر ما في القرآن من الآيات يحث على سبيل الاستدلال ، وتحكيم أدلة العقول ؟ ولكن يَهْدِي اللَّهُ لنوره من يشاء . ولو أنهم أنصفوا من أنفسهم ، واشتغلوا بأهم شيءٍ عندهم لَمَا ضَيَّعوا أصول الدِّين ، ولكنهم رضوا فيها بالتقليد ، وادَّعَوْا في الفروع رتبةَ الإمامة والتصَدُّر . . ويقال في معناه :

يا مَنْ تَصَدَّرَ في دستَ الإمامة في *** مسائل الفقه إملاءً وتدريسا

غَفَلْتَ عن حججِ التوحيد تُحْكِمها *** شيَّدتَ فرعاً وما مَهَّدَتَ تأسيسا