معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ذُرِّيَّةَۢ بَعۡضُهَا مِنۢ بَعۡضٖۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (34)

قوله تعالى : { ذرية } . اشتقاقها من ذرأ بمعنى خلق ، وقيل من الذر لأنه إستخرجهم من صلب آدم كالذر ، ويسمى الأولاد والآباء ذرية فالأولاد ذرية لأنه ذراهم والآباء ذرية لأنه ذرأ الأنبياء منهم ، قال الله تعالى ( وآية لهم أنا حملنا ذريتهم ) أي آباءهم . ذرية نصب على معنى واصطفى ذرية .

قوله تعالى : { بعضها من بعض } أي بعضها من ولد بعض ، وقيل بعضها من بعض في التناصر ، وقيل بعضها على دين بعض .

قوله تعالى : { والله سميع عليم } .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ذُرِّيَّةَۢ بَعۡضُهَا مِنۢ بَعۡضٖۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (34)

ثم صرح - سبحانه - بعد ذلك بتسلسل هذه الصفوة الكريمة بعضها من بعض فقال { ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ } وأصل الذرية - كما يقول القرطبي - فعلية من الذر ، لأن الله - تعالى - أخرج الخلق من صلب آدم كالذر حين أشهدهم على أنفسهم - وقيل هو مأخوذ من ذرأ الله الخلق يذرؤهم ذرءًا خلقهم ، ومنه الذرية وهى نسل الثقلين " .

والمعنى : أن أولئك المصطفين الأخيار بعضهم من نسل بعض ، فهم متصلو النسب ، فنوح من ذرية آدم ، وآل إبراهيم من ذرية نوح ، وآل عمران من ذرية آل إبراهيم ، فهم جميعا سلسلة متصلة الحلقات فى النسب ، والخصال الحميدة .

وقوله { ذُرِّيَّةً } منصوب على الحال من آل إبراهيم وآل عمران . ثم ختم - سبحانه - الآية بقوله : { والله سَمِيعٌ عَلِيمٌ } أى هو - سبحانه - سميع لأقوال عباده فى شأن هؤلاء المصطفين الأخيار وفى شأن غيرهم عليم بأحوال خلقه علما تاما بحيث لا تخفى عليه خافية تصدر عنهم .

والجملة الكريمة تذييل مقرر لمضمون ما قبلها ، ومؤكد له .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ذُرِّيَّةَۢ بَعۡضُهَا مِنۢ بَعۡضٖۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (34)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ ذُرّيّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

يعني بذلك : أن الله اصطفى آل إبراهيم وآل عمران { ذُرّيّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ } فالذرّية منصوبة على القطع من آل إبراهيم وآل عمران : لأن «الذرّية » نكرة ، و«آل عمران » معرفة ، ولو قيل نصبت على تكرير الاصطفاء لكان صوابا ، لأن المعنى : اصطفى ذرّية بعضها من بعض . وإنما جعل «بعضهم من بعض » في الموالاة في الدين والموازرة على الإسلام والحق ، كما قال جلّ ثناؤه : { وَالمُؤمِنُونَ وَالمُؤمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أوْلِياءُ بَعْضٍ } وقال في موضع آخر : { المُنَافِقُونَ وَالمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ } يعني أن دينهم واحد وطريقتهم واحدة ، فكذلك قوله : { ذُرّيّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ } إنما معناه : ذرّية دين بعضها دين بعض ، وكلمتهم واحدة ، وملتهم واحدة في توحيد الله وطاعته . كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : { ذُرّيّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ } يقول : في النية والعمل والإخلاص والتوحيد له .

وقوله : { وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } يعني بذلك : والله ذو سمع لقول امرأة عمران ، وذو علم بما تضمره في نفسها ، إذ نذرت له ما في بطنها محرّرا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ذُرِّيَّةَۢ بَعۡضُهَا مِنۢ بَعۡضٖۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (34)

{ ذرية بعضها من بعض } حال أو بدل من الآلين أو منهما ومن نوح أي إنهم ذرية واحدة متشعبة بعضها من بعض . وقيل بعضها من بعض في الدين . والذرية الولد يقع على الواحد والجمع فعلية من الذر أو فعولة من الذرء أبدلت همزتها ياء ثم قلبت الواو ياء وأدغمت . { والله سميع عليم } بأقوال الناس وأعمالهم فيصطفي من كان مستقيم القول والعمل ، أو سميع بقول امرأة عمران عليم بنيتها .