روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{ذُرِّيَّةَۢ بَعۡضُهَا مِنۢ بَعۡضٖۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (34)

{ ذُرّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ } نصب على البدلية من الآلين أو الحالية منهما ، وقيل : بدل من { نُوحٌ } وما بعده ، وجوز أن يكون بدلاً من { ءادَمَ } و { مَا } عطف عليه ورده أبو البقاء بأن آدم ليس بذرية ، وأجيب بأنه مبني على ما صرح به الراغب وغيره من أن الذرية تطلق على الآباء والأبناء لأنه من الذرء بمعنى الخلق ، والأب/ ذرىء منه الولد ، والولد ذرىء من الأب إلا أن المتبادر من الذرية النسل وقد تقدم الكلام عليه . والمعنى أنهم ذرية واحدة متشبعة البعض من البعض في النسب كما ينبىء عنه التعرض لكونهم ذرية ، وروي عن أبي عبد الله رضي الله تعالى عنه واختاره الجبائي وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : { بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ } في النية والعمل والاخلاص والتوحيد ، و { مِنْ } على الأول : ابتدائية والاستمالة تقريبية وعلى الثاني : اتصالية والاستمالة برهانية ، وقيل : هي اتصالية فيهما { والله سَمِيعٌ } لأقوال العباد { عَلِيمٌ } بأفعالهم وما تكنه صدورهم فيصطفي من يشاء منهم ، والجملة تذييل مقرر لمضمون ما قبلها .