قوله تعالى : { ذُرِّيَّةً } : في نصبها وجهان ، أحدهما : أنها منصوبةٌ على البدل مِمَّا قبلها ، وفي المبدلِ منه على هذا ثلاثة أوجه :
أحدها : أنها بدل من " آدم " ومَنْ عُطِفَ عليه ، وهذا إنما يتأتى على قولِ مَنْ يطلق " الذرية " على الآباء وعلى الأبناء ، وإليه ذهب جماعة . قال الجرجاني : " الآية تُوجِبُ أن يكونَ الآباء ذريةً للأبناء والأبناء ذريةً للآباء ، وجاز ذلك لأنه من " ذَرَأَ الخَلْقَ " فالأبُ ذُرِيَ منه الولد ، والولد ذُرِيَ من الأب " وقال الراغب : " الذرية تقال للواحد والجمع والأصلِ والنسل ، كقوله :{ حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ } [ يس : 41 ] أي : آباءهم ، ويقال للنساء : الذَّراري ، فعلى هذين الوجهين يَصِحُّ جَعْلُ " ذرية " بدلاً من آدم ومن عُطِف عليه . قال أبو البقاء : " ولا يجوز أَنْ يكونَ بدلاً من آدم لأنه ليس بذرية " وهذا الذي قاله ظاهرٌ إنْ أراد آدمَ وحدَهُ دونَ مَنْ عُطِفَ عليه ، وإن أراد آدمَ ومَنْ ذُكِرَ معه فيكونُ المانع عنده عدمَ جوازَ إطلاق الذرية على الآباء .
الثاني : من أوجه البدل : أنها بدلٌ من " نوح " ومَنْ عُطِفَ عليه ، وإليه نحا أبو البقاء .
الثالث : أنها بدلٌ من الآلَيْن : أعني آل إبراهيم وآل عمران ، وإليه نحا الزمخشري ، يريد أن الآلَيْن ذريةٌ واحدة .
الوجه الثاني من وجهي نصب " ذرية " : النَصْبُ على الحال ، تقديره : اصطفاهم حالَ كونِهِم بعضَهم من بعض ، والعاملُ فيها : اصطفى . وقد تقدَّم القول في اشتقاق هذه اللفظة ووزنِها ومدلولِها مشبعاً فأغنى عن إعادته .
قوله : { بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ } هذه الجملةُ في موضِع النصب نعتاً لذرية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.