محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{ذُرِّيَّةَۢ بَعۡضُهَا مِنۢ بَعۡضٖۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (34)

( ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم34 ) .

( ذرية ) أي نسلا . نصب على البدلية من الآلين ، أو على الحالية منهما .

لطيفة :

الذرية مثلثة ، ولم تسمع إلا غير مهموزة . اسم لنسل الثقلين . وقد تطلق على الآباء والأصول أيضا . قال الله تعالى : ( وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون ) . قال الصاغاني : وفي اشتقاقها وجهان : أحدهما أنها من الذرء ووزنها فعولة أو فعيلة . والثاني : أنها من الذر بمعنى التفريق لأن الله ذرهم في الأرض ووزنها فعيلة أو فعولة أيضا . وأصلها ذرورة فقلبت الراء الثالثة ياء كما في تقضت العقاب . كذا في ( القاموس ) و ( شرحه ) .

( جاء في اللسان . مادة ذرأ ما يأتي :

قال ابن بري : جعل الجوهري الذرية أصلها ذريئة بالهمز . فخففت همزتها . وألزمت التخفيف .

قال : ووزن الذرية ، على ما ذكره فعلية ، من ذرأ الله الخلق . وتكون بمنزلة مريقة وهي الواحدة من العصفر .

وغير الجوهري يجعل الذرية فعلية من الذرىء . وفعلولة ، فيكون الأصل ذرورة . ثم قلبت الراء الأخيرة ياء لتقارب الأمثال . ثم قلبت الواو ياء وأدمغت في الياء ، وكسر ما قبل الياء ، فصارت ذرية . )

/ ( بعضها من بعض ) في محل النصب على أنه صفة لذرية . أي اصطفى الآلين حال كونهم ذرية متسلسلة البعض من البعض في وراثة الاصطفاء ( والله سميع ) لأقوال العباد ( عليم ) بضمائرهم وأفعالهم . وإنما يصطفي في خلقه من يعلم استقامته قولا وفعلا . ونظيره قوله تعالى : ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) . وقوله : ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين ) .