إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ذُرِّيَّةَۢ بَعۡضُهَا مِنۢ بَعۡضٖۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (34)

{ ذُرّيَّةً } نُصب على البدلية من الآلَيْن أو على الحالية منهما وقد مر بيانُ اشتقاقها في قوله تعالى : { وَمِن ذُرّيَتِي } [ البقرة ، الآية 124 ] وقوله تعالى : { بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ } في محل النصب على أنه صفةٌ لذرية أي اصطفى الآلَيْن حالَ كونهم ذريةً متسلسلةً متشعّبةَ البعضِ من البعض في النسَب كما يُنْبئ عنه التعرُّضُ لكونه ذرية وقيل : بعضُها من بعض في الدين فالاستمالةُ على الوجه الأول تقريبيةٌ وعلى الثاني برهانية { والله سَمِيعٌ } لأقوال العباد { عَلِيمٌ } بأعمالهم البادية والخافية فيصطفي مِن بينِهم لخِدمته مَنْ تظهر استقامتُه قولاً وفعلاً على نهج قوله تعالى :

{ الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ } [ الأنعام ، الآية 124 ] والجملة تذييلٌ مقرِّرٌ لمضمون ما قبلها .