معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ قَدۡ يَئِسُواْ مِنَ ٱلۡأٓخِرَةِ كَمَا يَئِسَ ٱلۡكُفَّارُ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡقُبُورِ} (13)

قوله عز وجل :{ يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوماً غضب الله عليهم } وهم اليهود ، وذلك أن أناساً من فقراء المسلمين كانوا يخبرون اليهود أخبار المسلمين ، يتوصلون إليهم بذلك فيصيبون من ثمارهم ، فنهاهم الله عن ذلك ، { قد يئسوا } يعني هؤلاء اليهود ، { من الآخرة } بأن يكون لهم فيها ثواب وخير ، { كما يئس الكفار من أصحاب القبور } أي : كما يئس الكفار الذين ماتوا وصاروا في القبور من أن يكون لهم حظ وثواب في الآخرة . قال مجاهد : الكفار حين دخلوا قبورهم يأسوا من رحمة الله . قال سعيد بن جبير : يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار الذين ماتوا فعاينوا الآخرة . وقيل : كما يئس الكفار من أصحاب القبور أن يرجعوا إليهم .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ قَدۡ يَئِسُواْ مِنَ ٱلۡأٓخِرَةِ كَمَا يَئِسَ ٱلۡكُفَّارُ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡقُبُورِ} (13)

ثم نهى المؤمنين عن موالاة اليهود فقال :{ يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة } أن يكون لهم فيها ثواب ، { كما يئس الكفار } الذين لا يوقنون البعث ، { من أصحاب القبور } أن يبعثوا وقيل كما يئس الكفار الذين في القبور من أن يكون لهم في الآخرة خير .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ قَدۡ يَئِسُواْ مِنَ ٱلۡأٓخِرَةِ كَمَا يَئِسَ ٱلۡكُفَّارُ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡقُبُورِ} (13)

قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم } يعني اليهود . وذلك أن ناسا من فقراء المسلمين كانوا يخبرون اليهود بأخبار المؤمنين ويواصلونهم فيصيبون بذلك من ثمارهم فنهوا عن ذلك . { قد يئسوا من الآخرة } يعني اليهود قاله ابن زيد ، وقيل : هم المنافقون ، وقال الحسن : هم اليهود والنصارى ، قال ابن مسعود : معناه أنهم تركوا العمل للآخرة وآثروا الدنيا ، وقيل : المعنى يئسوا من ثواب الآخرة ، قاله مجاهد { كما يئس الكفار } أي الأحياء من الكفار ، { من أصحاب القبور } أن يرجعوا إليهم ، قاله الحسن وقتادة . قال ابن عرفة : وهم الذين قالوا : { وما يهلكنا إلا الدهر{[14921]} } [ الجاثية : 24 ] . وقال مجاهد : المعنى كما يئس الكفار الذين في القبور أن يرجعوا إلى الدنيا ، وقيل : إن الله تعالى ختم السورة بما بدأها من ترك موالاة الكفار ، وهي خطاب لحاطب بن أبي بلتعة وغيره . قال ابن عباس : { يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا } أي لا توالوهم ولا تناصحوهم ، رجع تعالى بطَوْله وفضله على حاطب بن أبي بلتعة . يريد أن كفار قريش قد يئسوا من خير الآخرة كما يئس الكفار المقبورون من حظ يكون لهم في الآخرة من رحمة الله تعالى . وقال القاسم بن أبي بزة في قوله تعالى : { قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور } قال : من مات من الكفار يئس من الخير . والله أعلم .


[14921]:راجع جـ 16 ص 170.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ قَدۡ يَئِسُواْ مِنَ ٱلۡأٓخِرَةِ كَمَا يَئِسَ ٱلۡكُفَّارُ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡقُبُورِ} (13)

ولما ذكر ما أمر به نبيه{[64748]} صلى الله عليه وسلم في المبايعات بعد أن عد الذين آمنوا أصلاً في امتحان{[64749]} المهاجرات فعلم من ذلك أن تولي النساء مع أنه لا ضرر فيهن بقتال ونحوه لا يسوغ إلا بعد العلم بإيمانهن ، وكان الختم بضفتي الغفران{[64750]} والرحمة مما جرأه على محاباة المؤمنين لبعض الكفار من أزواج أو غيرهم لقرابة أو غيرها لعلة يبديها الزوج أو غير لك من الأمور ، كرر سبحانه الأمر بالبراءة من كل عدو ، رداً لآخر السورة على أولها تأكيداً للإعراض عنهم وتنفيراً من توليهم كما أفهمته آية المبايعة وآية الامتحان ، فقال ملذذاً لهم بالإقبال بالخطاب كما فعل أولها بلذيذ العتاب : { يا أيها الذين آمنوا } .

ولما كان الميل عن الطريق الأقوام على خلاف ما تأمر به الفطرة الأولى فلا يكون إلا عن{[64751]} معالجتها ، عبر{[64752]} بالتفعل كما عبر به أول السورة بالافتعال فقال : { لا تتولوا } أي تعالجوا أنفسكم{[64753]} أن تتولوا { قوماً } أي{[64754]} ناساً لهم قوة على ما يحاولونه فغيرهم من باب الأولى { غضب الله } أي أوقع الملك الأعلى الغضب { عليهم } لإقبالهم على ما أحاط بهم من الخطايا فهو عام في كل من اتصف بذلك يتناول اليهود تناولاً أولياً .

ولما كان السامع لهذا يتوقع بيان سبب الغضب ، قال معللاً ومبيناً أنه لا خير فيهم يرجى وإن ظهر خلاف ذلك : { قد يئسوا } أي تحققوا عدم الرجاء { من الآخرة } أي من أن ينالهم منها{[64755]} خير ما لإحاطة معاصيهم بهم أو لعدم اعتقادهم لقيامها{[64756]} ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ، فيوشك من والاهم يكتب {[64757]}منهم{[64758]} فيحل بهم الغضب { كما يئس } من نيل الخير منها{[64759]} { الكفار } ولما كان{[64760]} من مات فصار أهلاً للدفن كشف له{[64761]} عن أحوال القيامة فعرف أنه ناج أو هالك ، وكان الموتى أعم من الكفار ، وموتى الكفار أعم ممن يدفن منهم فقال : { من أصحاب القبور * } فإن الكفار منهم قد علموا يأسهم من حصول الخير منها علماً قطعياً ، ويجوز أن يكون { من } ابتدائية فيكون المعنى : كما يئس عباد الأوثان من لقاء من مات ، فدفن باعتقاد أنه لا اجتماع بينهم{[64762]} أصلاً لأنه لا يمكن بعثه لا إلى الدنيا ولا إلى الآخرة{[64763]} لأنه لا آخرة{[64764]} عندهم أصلاً{[64765]} لا سيما إن كان مدفوناً في قبر ، وعلى هذا{[64766]} يكون{[64767]} الظاهر وضع موضع{[64768]} المضمر للدلالة على أن{[64769]} الذي أيأسهم تغطية الدلائل مع وضوحها لو أنصفوا ، فلا تتولوا من هذه صفته فيكون بينكم وبينه{[64770]} ما بين القريب مع قريبه{[64771]} من تولى كل منهم من الآخر ما يتولاه القريب الصديق لقريبه فإن توليهم{[64772]} ضرر لا نفع فيه فإن من غضب عليه الملك الشهيد لكل حركاته وسكناته لا يفلح هو ولا من تولاه ، وأقل ما في ولايته من الضرر أنها تنقطع المعاونة فيها ، والمشاركة بالموت وإن كان بعد الموت مشاركة ففي العذاب الدائم {[64773]}المستمر الذي لا ينقطع عنهم{[64774]} والخزي اللازم ، وقد علم أن هذا الآخر هو أولها ، وهذا الموصل مفصلها ، فسبحانه من أنزله كتاباً معجزاً حكيماً{[64775]} ، وقرآناً موجزاً جامعاً عظيماً .


[64748]:- زيد من ظ وم.
[64749]:- زيد من ظ وم.
[64750]:- من ظ وم، وفي الأصل: الغفر.
[64751]:- من ظ وم، وفي الأصل: من.
[64752]:- زيد من ظ وم.
[64753]:- زيد في الأصل: قبل، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[64754]:- من ظ وم، وفي الأصل: أو.
[64755]:- من ظ وم، وفي الأصل: بها.
[64756]:- من ظ وم، وفي الأصل: أمامها.
[64757]:- في ظ وم: يكتسب.
[64758]:- من ظ وم، وفي الأصل: لهم.
[64759]:- زيد من ظ وم.
[64760]:- من ظ وم، وفي الأصل: كانت.
[64761]:- زيد من ظ وم.
[64762]:- من ظ وم، وفي الأصل: فهم.
[64763]:- في م: دنيا.
[64764]:- في م: الآخرة.
[64765]:- سقط من م.
[64766]:- زيد في الأصل: إن، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[64767]:-زيد في الأصل: وضع، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[64768]:- زيد من ظ وم.
[64769]:- زيد من ظ.
[64770]:- زيدت الواو في الأصل وظ، ولم تكن الزيادة في م فحذفناها.
[64771]:- زيد من ظ وم.
[64772]:- من ظ وم، وفي الأصل: توليه.
[64773]:- سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[64774]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[64775]:- زيد من ظ وم.