التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ قَدۡ يَئِسُواْ مِنَ ٱلۡأٓخِرَةِ كَمَا يَئِسَ ٱلۡكُفَّارُ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡقُبُورِ} (13)

{ لا تتولوا قوما غضب الله عليهم } يعني : اليهود وكان بعض فقراء المسلمين يتودد إليهم ليصيبوا من أموالهم ، وقيل : يعني : كفار قريش ، والأول أظهر لأن الغضب قد صار عرفا لليهود كقوله : { غير المغضوب عليهم } [ الفاتحة : 7 ] .

{ قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور } من قال إن القوم الذين غضب الله عليهم هم اليهود ، فمعنى { يئسوا من الآخرة } يئسوا من خير الآخرة والسعادة فيها ومن قال إن القوم الذين غضب الله عليهم هم كفار قريش ، فالمعنى يئسوا من وجود الآخرة ، وصحتها لأنهم مكذبون بها تكذيبا جزما وقوله : { كما يئس الكفار من أصحاب القبور } يحتمل وجهين :

أحدهما : أن يريد كما يئس الكفار المكذبون بالبعث من بعث أصحاب القبور فقوله : { من أصحاب } يتعلق ب{ يئس } وهو على حذف مضاف .

والآخر : أن يكون من أصحاب القبور لبيان الجنس أي : كما يئس الذين في القبور من سعادة الآخرة لأنهم تيقنوا أنهم يعذبون فيها .