وقوله تعالى : { قل لو أن عندي } الآية ، المعنى لو كان عندي الآيات المقترحة أو العذاب على التأويل الآخر لقضي الأمر أي لوقع الانفصال ، وتم التنازع لظهور الآية المقترحة أو لنزل العذاب بحسب التأويلين ، وحكى الزهراوي : أن المعنى لقامت القيامة ، ورواه النقاش عن عكرمة ، وقال بعض الناس : معنى { لقضي الأمر } أي لذبح الموت{[4939]} .
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه : وهذا قول ضعيف جداً لأن قائله سمع هذا المعنى في قوله تعالى : { وأنذرههم يوم الحسرة إذ قضي الأمر }{[4940]} وذبح الموت هنا لائق فنقله إلى هذا الموضع دون شبه ، وأسند الطبري هذا القول إلى ابن جريج غير مقيد بهذه السورة ، والظن بابن جريج أنه إنما فسر الذي في يوم الحسرة { والله أعلم بالظالمين } يتضمن الوعيد والتهديد .
استئناف بياني لأنّ قوله : { ما عندي ما تستعجلون به } [ الأنعام : 57 ] يثير سؤالاً في نفس السامع أن يقول : فلو كان بيدك إنزال العذاب بهم ماذا تصنع ، فأجيب بقوله : { لَو أنّ عندي ما تستعجلون به } الآية . وإذ قد كان قوله : { لو أنّ عندي } الخ استئنافاً بيانياً فالأمر بأن يقوله في قوة الاستئناف البياني لأنّ الكلام لمَّا بني كلّه على تلقين الرسول ما يقوله لهم فالسائل يتطلّب من الملقّن ماذا سيلقّن به رسوله إليهم . ومعنى { عندي ما تستعجلون به } تقدّم آنفاً ، أي لو كان في علمي حكمته وفي قدرتي فعله . وهذا كناية عن معنى لَسْتُ إلهاً ولكنَّني عبد أتَّبع ما يوحى إليَّ .
وقوله : { لقُضي الأمر بيني وبينكم } جواب { لو } . فمعنى { قضي } تمّ وانتهى . والأمر مراد به النزاع والخلاف . فالتعريف فيه للعهد ، وبُني { قضي الأمر } للمجهول لظهور أنّ قاضيَه هو مَن بيده ما يستعجلون به .
وتركيب ( قضي الأمر ) شاع فجرى مجرى المثل ، فحُذف الفاعل ليصلح التمثّل به في كلّ مقام ، ومنه قوله : { قُضي الأمر الذي فيه تستفتيان } [ يوسف : 41 ] وقوله : { ولولا كلمة الفصل لقُضيَ بينهم } [ الشورى : 21 ] وقوله : { وأنذرهم يومَ الحسرة إذ قُضي الأمر } [ مريم : 39 ] ؛ ولذلك إذا جاء في غير طريقة المثل يصرّح بفاعله كقوله تعالى : { وقَضيْنا إليه ذلك الأمر } [ الحجر : 66 ] .
وذلك القضاء يحتمل أموراً : منها أن يأتيهم بالآية المقتَرَحَة فيؤمنوا ، أوْ أن يغضَب فيهلكهم ، أو أن يصرف قلوبهم عن طلب ما لا يجيبهم إليه فيتوبوا ويرجعوا .
وجملة : { والله أعلم بالظالمين } تذييل ، أي الله أعلم منِّي ومن كلّ أحد بحكمة تأخير العذاب وبوقت نزوله ، لأنَّه العليم الخبير الذي عنده ما تستعجلون به . والتعبير { بالظالمين } إظهار في مقام ضمير الخطاب لإشعارهم بأنَّهم ظالمون في شركهم إذ اعتدوا على حقّ الله ، وظالمون في تكذيبهم إذ اعتدوا على حقّ الله ورسوله ، وظالمون في معاملتهم الرسول صلى الله عليه وسلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.