إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قُل لَّوۡ أَنَّ عِندِي مَا تَسۡتَعۡجِلُونَ بِهِۦ لَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۗ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (58)

{ قُل لوْ أَنَّ عِندِي } أي في قدرتي ومِكْنتي { مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ } من العذاب الذي ورد به الوعيد بأن يكون أمرُه مفوّضاً إلي من جهته تعالى { لَقُضِي الأمر بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } أي بأن ينزِلَ ذلك عليكم إثرَ استعجالِكم بقولكم : متى هذا الوعد ونظائرِه ، وفي بناء الفعل للمفعول من الإيذان بتعيُّن الفاعِلِ الذي هو الله تعالى وتهويلِ الأمر ومراعاةِ حسنِ الأدب ما لا يخفى . فما قيل في تفسيره لأهلكتُكم عاجلاً غضباً لربي ولتخلصْتُ منكم سريعاً بمعزلٍ من تَوْفِيةِ المقام حقَّه . وقولُه تعالى : { والله أَعْلَمُ بالظالمين } اعتراضٌ مقرِّرٌ لِما أفادتْه الجملةُ الامتناعية من انتفاءِ كونِ أمرِ العذابِ مفوَّضاً إليه صلى الله عليه وسلم المستتبِع لانتفاء قضاءِ الأمر ، وتعليلٌ له والمعنى والله تعالى أعلم بحال الظالمين وبأنهم مستحقون للإمهال بطريق الاستدراج لتشديد العذاب ولذلك لم يفوِّضِ الأمرَ إليّ فلم يقضِ الأمرَ بتعجيل العذاب والله أعلم .