أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يَزۡعُمُونَ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوٓاْ إِلَى ٱلطَّـٰغُوتِ وَقَدۡ أُمِرُوٓاْ أَن يَكۡفُرُواْ بِهِۦۖ وَيُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُضِلَّهُمۡ ضَلَٰلَۢا بَعِيدٗا} (60)

ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت } عن ابن عباس رضي الله عنهما . ( أن منافقا خاصم يهوديا فدعاه اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف ثم إنهما احتكما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحكم لليهودي فلم يرض المنافق بقضائه وقال : نتحاكم إلى عمر فقال اليهودي لعمر : قضى لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرض بقضائه وخاصم إليك ، فقال عمر رضي الله تعالى عنه للمنافق : أكذلك . فقال نعم . فقال مكانكما حتى أخرج إليكما ، فدخل فأخذ سيفه ثم خرج فضرب به عنق المنافق حتى برد وقال هكذا أقضي لمن يرضى بقضاء الله ورسوله ) فنزلت . وقال جبريل إن عمر قد فرق بين الحق والباطل فسمي الفاروق ، والطاغوت على هذا كعب بن الأشرف وفي معناه من يحكم بالباطل ويؤثر لأجله ، سمي بذلك لفرط طغيانه أو لتشبهه بالشيطان ، أو لأن التحاكم إليه تحاكم إلى الشيطان من حيث إنه الحامل عليه كما قال . { وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا } وقرئ أن " يكفروا بها " على أن الطاغوت جمع كقوله تعالى { أولياؤهم الطاغوت } يخرجونهم .