تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يَزۡعُمُونَ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوٓاْ إِلَى ٱلطَّـٰغُوتِ وَقَدۡ أُمِرُوٓاْ أَن يَكۡفُرُواْ بِهِۦۖ وَيُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُضِلَّهُمۡ ضَلَٰلَۢا بَعِيدٗا} (60)

{ الم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا } ، يعني صدقوا { بما أنزل إليك } من القرآن { و } صدقوا ب { وما أنزل من قبلك } من الكتب على الأنبياء ، وذلك أن بشر المنافق خاصم يهوديا ، فدعاه اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ودعاه المنافق إلى كعب ، ثم إنهما اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقضى لليهودي على المنافق ، فقال المنافق لليهودي : انطلق أخاصمك إلى عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، فقال اليهودي لعمر ، رضي الله عنه : إني خاصمته إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، فقضى لي ، فلم يرض بقضائه ، فزعم أنه مخاصمني إليك ، فقال عمر ، رضي الله عنه ، للمنافق : أكذلك ؟ قال : نعم ، أحببت أن أفترق عن حكمك ، فقال عمر ، رضي الله عنه : مكانك حتى أخرج إليكما ، فدخل عمر ، رضي الله عنه ، فأخذ السيف ، واشتمل عليه ، ثم خرج إلى المنافق فضربه حتى برد ، فقال عمر ، رضي الله عنه : هكذا أقضى على من لم يرض بقضاء الله عز وجل وقضاء رسوله صلى الله عليه وسلم .

وأتى جبريل ، عليه السلام ، إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا محمد ، قد قتل عمر الرجل ، وفرق الله بين الحق والباطل ، فسمى عمر ، رضي الله عنه ، الفاروق ، فأنزل الله عز وجل في بشر المنافق : { ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك } { يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت } ، يعني كعب بن الأشرف ، وكان يتكهن ، { وقد أمروا أن يكفروا به } ، يعني أن يتبرأوا من الكهنة ، { ويريد الشيطان أن يضلهم } عند الهدى { ضلالا بعيدا } ، يعني طويلا .