الزعم : قول يقترن به الاعتقاد الظني .
قال الشاعر وهو أبو ذؤيب الهذلي :
فإن تزعميني كنت أجهل فيكم *** فإني شريت الحلم بعدك بالجهل
وقال ابن دريد : أكثر ما يقع على الباطل .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « مطية الرجل زعموا » وقال الأعشى :
ونبئت قيساً ولم أبله *** كما زعموا خير أهل اليمن
فقال الممدوح وما هو إلا الزعم وحرمه .
وإذا قال سيبويه : زعم الخليل ، فإنما يستعملها فيما انفرد الخليل به ، وكان أقوى .
وذكر صاحب العين : أنَّ الأحسن في زعم أنْ توقع على أنْ قال ، قال .
وأنشد بيت أبي ذؤيب هذا وقول الآخر :
زعمتني شيخاً ولست بشيخ *** إنما الشيخ من يدب دبيبا
ويقال : زعم بمعنى كفل ، وبمعنى رأس ، فيتعدى إلى مفعول واحد مرة ، وبحرف جر أخرى .
ويقال : زعمت الشاة أي سمنت ، وبمعنى هزلت ، ولا يتعدى .
{ ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً } ذكر في سبب نزولها قصص طويل ملخصه : أنّ أبا بردة الأسلمي كان كاهناً يقضي بين اليهود ، فتنافر إليه نفر من أسلم ، أو أنّ قيساً الأنصاري أحد مَن يدعي الإسلام ورجلاً من اليهود تداعيا إلى الكاهن وتركا الرسول صلى الله عليه وسلم بعدما دعا اليهودي إلى الرسول ، والأنصاري يأبى إلا الكاهن .
أو أنّ منافقاً ويهودياً اختصما ، فاختار اليهودي الرسول صلى الله عليه وسلم ، واختار المنافق كعب بن الأشرف ، فأبى اليهودي ، وتحاكما إلى الرسول ، فقضى لليهودي ، فخرجا ولزمه المنافق ، وقال : ننطلق إلى عمر ، فانطلقا إليه فقال اليهودي : قد تحاكمنا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يرض بقضائه ، فأقرّ المنافق بذلك عند عمر ، فقتله عمر وقال : هكذا أقضي فيمن لم يرض بقضاء الله وقضاء رسوله .
ومناسبة هذه الآية لما قبلها ظاهرة لأنه تعالى لما أمر المؤمنين بطاعة الله ورسوله وأولي الأمر ، ذكر أنه يعجب بعد ورود هذا الأمر من حال مَن يدَّعي الإيمان ويريد أن يتحاكم إلى الطاغوت ويترك الرسول .
وظاهر الآية يقتضي أن تكون نزلت في المنافقين ، لأنه قال : يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك ، فلو كانت في يهود أو في مؤمن ويهودي كان ذلك بعيداً من لفظ الآية ، إلا إنْ حمل على التوزيع ، فيجعل بما أنزل إليك في منافق ، وما أنزل من قبلك في يهودي ، وشملوا في ضمير يزعمون فيمكن .
وقال السدي : نزلت في المنافقين من قريظة والنضير ، تفاخروا بسبب تكافؤ دمائهم ، إذ كانت النضير في الجاهلية تدي من قتلت وتستقيه إذا قتلت قريظة منهم ، فأبت قريظة لما جاء الإسلام ، وطلبوا المنافرة ، فدعا المؤمنون منهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ودعا المنافقون إلى بردة الكاهن ، فنزلت .
وقال الحسن : احتكم المنافقون بالقداح التي يضرب بها عند الأوثان فنزلت .
أو لسبب اختلافهم في أسباب النزول اختلفوا في الطاغوت .
{ وقد أمروا أن يكفروا به } جملة حالية من قوله : يريدون ، ويريدون حال ، فهي حال متداخل .
وأعاد الضمير هنا مذكراً ، وأعاده مؤنثاً في قوله : اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها .
وقرأ بها هنا عباس بن الفضل على التأنيث ، وأعاد الضمير كضمير جمع العقلاء في قوله : { أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم }
{ ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً } ضلالاً ليس جارياً على يضلهم ، فيحتمل أن يكون جعل مكان إضلال ، ويحتمل أن يكون مصدر المطاوع يضلهم ، أي : فيضلون ضلالاً بعيداً .
وقرأ الجمهور : بما أنزل إليك وما أنزل مبنياً للمفعول فيهما .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.