التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{لَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَفۡرَحُونَ بِمَآ أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحۡمَدُواْ بِمَا لَمۡ يَفۡعَلُواْ فَلَا تَحۡسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٖ مِّنَ ٱلۡعَذَابِۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (188)

قوله تعالى{ وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا بها ثمنا قليلا فبئس ما يشترون لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا } .

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن من طريق ابن إسحاق عن ابن عباس قال : قوله تعالى{ وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه }إلى قوله : { عذاب أليم } يعني : فنحاص وأشيع وأشباههما من الأحبار .

قال مسلم : حدثنا زهير بن حرب وهارون بن عبد الله( واللفظ لزهير )قالا : حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج . أخبرني ابن أبي مليكة ؛ أن حميد بن عبد الرحمن بن عوف اخبره ، أن مروان قال : اذهب . يا رافع ! ( لبوابه )إلى ابن عباس فقل : لئن كان كل امرئ منا فرح بما أتى ، وأحب ان محمد بما لم يفعل ، معذبا لنعذبن أجمعون ، فقال ابن عباس : { وغذ اخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبننه للناس ولا تكتمونه }هذه الآية . وتلا ابن عباس : { لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا } . وقال ابن عباس : سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شئ فكتموه إياه . واخبروه بغيره . فخرجوا قد أروه ان قد اخبروه بما سألهم عنه . واستحمدوا بذلك إليه . وفرحوا بما أتوا ، من كتمانهم إياه ، ما سألهم عنه .

( الصحيح4/2143 ح2778-ك صفات المنافقين وأحكامهم ) . واخرج البخاري( الصحيح-التفسير- ب و{ لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا } ح 4568 ) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة : { وإذ اخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم }الآية ، هذا ميثاق أخذه الله على أهل العلم ، فمن علم شيئا فليعلمه ، وإياكم وكتمان العلم ، فإن كتمان العلم هلكة ، ولا يتكلفن رجل ما لا علم له به ، فيخرج من دين الله فيكون من المتكلفين ، كان يقال : " مثل علم لا يقال به ، كمثل كنز لا ينفق منه ! ومثل حكمة لا تخرج ، كمثل صنم قائم لا يأكل ولا يشرب( وكان يقال )طوبى لعالم ناطق ، وطوبى لمستمع واع " . هذا رجل علم علما فعلمه وبذله ودعا إليه ، ورجل سمع خيرا فحفظه ووعاه وانتفع به .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا إدريس ابو أسامة ، والسياق لابن إدريس ، عن يحيى بن أيوب الهجلي ، عن الشعبي في قوله : { فنبذوه وراء ظهورهم }قال : قد كانوا يقرؤونه ولكنهم نبذوا العمل به .

ورجاله ثقات إلا يحيى لا بأس به فالإسناد حسن .

وانظر حديث : " من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار " . في تفسير سورة البقرة آية( 159 ) .

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد : { فبئس ما يشترون }قال : تبديل اليهود التوراة . قال البخاري : حدثنا سعيد بن ابي مريم حدثنا محمد بن جعفر قال حدثني زيد ابن اسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن رجالا من المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتذروا إليه وحلفوا ، وأحبوا ان يحمدوا بما لم يفعلوا ، فنزلت{ لا تحسبن الذين يفرحون }الآية .

( صحيح البخاري8/81 ح4567-ك التفسير-سورة آل عمران ، ب { لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا } )و )صحيح مسلم4/2142-ك صفات المنافقين وأحكامهم ) .

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله تعالى{ لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا } قال : يهود ، فرحوا بإعجاب الناس بتبديلهم الكتاب وحمدهم إياهم عليه ، ولا تملك يهود ذلك .

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن من طريق ابن إسحاق عن ابن عباس قال : قوله { ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا }أن يقول الناس لهم علماء وليسوا بأهل علم لم يحملوهم على خير ولا هدى ويحبون ان يقول الناس قد فعلوا .