نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَيَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلۡعَذَابِ وَلَوۡلَآ أَجَلٞ مُّسَمّٗى لَّجَآءَهُمُ ٱلۡعَذَابُۚ وَلَيَأۡتِيَنَّهُم بَغۡتَةٗ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (53)

ولما كان قولهم مرة واحدة " لولا أنزل عليه آية " عجباً ، أتى بعد إخباره بخسارتهم بأعجب منه ، وهو استمرار استعجالهم بما لا قدرة لهم على شيء منه من عذاب الله فقال : { ويستعجلونك } أي يطلبون تعجيلك في كل وقت { بالعذاب } ويجعلون تأخره عنهم شبهة لهم فيما يزعمون من التكذيب { ولولا أجل مسمى } قد ضرب لوقت عذابهم لا تقدم فيه ولا تأخر { لجاءهم العذاب } وقت استعجالهم ، لأن القدرة تامة والعلم محيط .

ولما أفهم هذا أنه لا بد من إتيانه ، صرح به في قوله مؤكداً رداً على استهزائهم المتضمن للإنكار : { وليأتينهم } ثم هوّله بقوله : { بغتة } وأكد معناها بقوله : { وهم لا يشعرون* } بل هم في غاية الغفلة عنه والاشتغال بما ينسيه ،

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَيَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلۡعَذَابِ وَلَوۡلَآ أَجَلٞ مُّسَمّٗى لَّجَآءَهُمُ ٱلۡعَذَابُۚ وَلَيَأۡتِيَنَّهُم بَغۡتَةٗ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (53)

قوله تعالى : { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُّسَمًّى لَجَاءهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُم بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ( 53 ) يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ( 54 ) يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } .

المشركون السفهاء استعجلوا عذاب بالله . وما كان استعجالهم إلا لفرط إنكارهم وتكذيبهم بيوم القيامة ؛ فقد كانوا على سبيل التهكم والجحود { ربنا عجل لنا قِطَّنا } أي عقابنا . وإنما يأتيهم العذاب بتقدير الله ومشيئته ، وليس تبعا لهواهم .

وإذا جاءهم العذاب المحقق من عند الله لا يرده عنهم شيء .

قوله : { لَوْلا أَجَلٌ مُّسَمًّى لَجَاءهُمُ الْعَذَابُ } المراد بالأجل المسمى : الوقت الذي قدره الله لهلاكهم وعذابهم وهو يوم القيامة . وقيل : مدة أعمارهم في الدنيا . وقيل : غير ذلك . فلولا أن الله كتب تأخير العذاب عن المجرمين إلى يوم القيامة لأنزله بهم في الحال دون إمهال كما استعجلوه .

قوله : { وَلَيَأْتِيَنَّهُم بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ } ليأتينهم عذاب الله المحقق الموعود فجأة وهم لا يشعرون به قبل مجيئه . لسوف يفجأهم العذاب الوجيع الواصب فيدهمهم وهم لاهون غافلون ؛ فيجدون فيه من هول الصدمة وفظاعة الذعر ما يجدون .