نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَرۡسَلۡنَا رِيحٗا فَرَأَوۡهُ مُصۡفَرّٗا لَّظَلُّواْ مِنۢ بَعۡدِهِۦ يَكۡفُرُونَ} (51)

ولما كان تكرار مشاهدتهم لمثل هذا الاقتدار لا يفيدهم علماً بالله تعالى ، دل على ذلك بقوله ، لافتاً الكلام إلى سياق العظمة تنبيهاً على عظيم عفوه سبحانه مع{[53407]} تمام القدرة ، مؤكداً له غاية التأكيد ، تنبيهاً على أنه ليس من شأن العقلاء {[53408]}عدم الاستفادة بالمواعظ ، معبراً بأداة الشك ، تنبيهاً على أن إنعامه أكثر من انتقامه ، مؤكداً بالقسم{[53409]} {[53410]}لإنكارهم الكفر{[53411]} : { ولئن أرسلنا } بعد وجود هذا الأثر الحسن { ريحاً } عقيماً { فرأوه } أي الأثر{[53412]} ، ويجوز أن يكون الضمير للريح من {[53413]}التعبير بالسبب{[53414]} عن المسبب { مصفراً } قد ذبل وأخذ في التلف من شدة يبس الريح إما بالحر أو البرد { لظلوا } أي لداموا وعزتنا لهذا يجددون الكفر أبداً وإن كان " ظل " معناه : دام نهاراً ، وعبر بالماضي موضع المستقبل نحو " ليظلن والله " تأكيداً لتحقيقه ، ولعله عبر بالظلول لأن مدة النوم لا تجديد فيها للكفر ، ولذلك أتى فيها{[53415]} بحرف التبعيض حيث قال : { من بعده } أي بعد اصفراره { يكفرون* } بيأسهم من روح الله و{[53416]} جحودهم لما أسلف إليهم من النعم بعد ما تكرر من تعرفه سبحانه إليهم بالإحسان ، بعد ما{[53417]} التقت حلقتا البطان{[53418]} ، وكان {[53419]}وكان{[53420]} فلا هم عند السراء بالرحمة شكروا ، ولاعند الضراء بالنقمة صبروا ، بل لم يزيدوا هناك على الاستبشار ، ولا نقصوا هنا شيئاً من تجديد الكفر والإصرار ، فلم يزالوا لعدم استبصارهم على الحالة المذمومة ، ولم يسبقوا{[53421]} في إزالة النقم ، ولا إنالة النعم ، فكانوا أضل من النعم{[53422]} .


[53407]:في ظ وم "و".
[53408]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[53409]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[53410]:من م، وفي الأصل: الإنكاري ـ وبعده بياض قدر كلمة، وسط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[53411]:من م، وفي الأصل: الإنكاري ـ وبعده بياض قدر كلمة، وسط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[53412]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الأمر.
[53413]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: التسبب.
[53414]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: التسبب.
[53415]:سقط من ظ ومد.
[53416]:سقط من ظ.
[53417]:زيد من ظ وم ومد.
[53418]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: البطلان.
[53419]:سقط ما الرقمين من ظ، وكتب فوقه في الأصل "كذا".
[53420]:سقط ما الرقمين من ظ، وكتب فوقه في الأصل "كذا".
[53421]:في ظ ومد: لم يسعوا.
[53422]:زيد من ظ وم ومد.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَرۡسَلۡنَا رِيحٗا فَرَأَوۡهُ مُصۡفَرّٗا لَّظَلُّواْ مِنۢ بَعۡدِهِۦ يَكۡفُرُونَ} (51)

قوله : { وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا } الهاء في قوله : { فَرَأَوْهُ } تعود إلى الزرع وقيل : إلى السحاب{[3624]} . و { مُصْفَرًّا } من الاصفرار وهو اليبس بعد الاخضرار ؛ أي لو أرسلنا ريحا فيها ضررا –كأن تكون حارة أو باردة- على زرعهم الذي زرعوه ونما واخضرّ واستوى على سوقه ثم اصفر وفسد بفعل الريح الضارة { لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ } لسوف يظلون من بعد فرحهم وإعجازهم يجحدون نعمة الله . وذلكم هو الإنسان ؛ فإنه بطبعه عجول ؛ فهو يبتهج بالنعمة ويهش لها غاية الهشاشة ويغشاه بسببها الفرح والحبور ، حتى إذا نزعها الله منه لحكمة من الحكم بادر إلى القنوط وكفران النعمة ، إلا أن يؤتيه الله قوة في العزم ويخوله الصبر والثبات{[3625]} .


[3624]:نفس المصدر السابق.
[3625]:تفسير القرطبي ج 14 ص 44-45، وتفسير ابن كثير ج 3 ص 437.