فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَئِنۡ أَرۡسَلۡنَا رِيحٗا فَرَأَوۡهُ مُصۡفَرّٗا لَّظَلُّواْ مِنۢ بَعۡدِهِۦ يَكۡفُرُونَ} (51)

{ ولئن أرسلنا ريحا } مضرة وهي الريح الدبور التي أهلكت بها عاد { فرأوه } أي : الزرع والنبات الذي كان من أثر رحمة الله { مصفرا } من البرد الناشيء عن الريح التي أرسلها الله بعد اخضراره ، وقيل : الضمير راجع إلى الريح ، وهو يجوز تذكيره وتأنيثه ، وقيل : راجع إلى الأثر المدلول عليه بالآثار ، وقيل : راجع إلى السحاب ، لأنه إذا كان مصفرا لم يمطر ، والأول أولى واللام هي الموطئة ، وجواب القسم قوله تعالى :

{ لظلوا من بعده } وهو يسد مسد جواب الشرط ، لأنه اجتمع هنا شرط وقسم ، وشرط مؤخر فيحذف جوابه ، دلالة عليه بجواب القسم على القاعدة والمعنى : وبالله لئن أرسلنا ريحا حارة أو باردة فضربت زرعهم بالصفرة لظلوا من بعد ذلك .

{ يكفرون } بالله ويجحدون نعمه والمعنى : أنهم يفرحون عند الخصب ، ولو أرسلت عذابا على زرعهم لجحدوا سالف نعمتي : وفي هذا دليل على سرعة تقلبهم ، وعدم صبرهم ، وضعف قلوبهم ، وليس كذا حال أهل الإيمان ، ثم شبههم بالموتى وبالصم فقال :