مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَلَئِنۡ أَرۡسَلۡنَا رِيحٗا فَرَأَوۡهُ مُصۡفَرّٗا لَّظَلُّواْ مِنۢ بَعۡدِهِۦ يَكۡفُرُونَ} (51)

{ وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا } أي الدبور { فَرَأَوْهُ } أي أثر رحمة الله لأن رحمة الله هي الغيث وأثرها النبات . ومن قرأ بالجمع رجع الضمير إلى معناه لأن معنى آثار الرحمة النبات واسم النبات يقع على القليل والكثير لأنه مصدر سمي به ما ينبت { مُصْفَرّاً } بعد إخضراره . وقال { مصفرا } لأن تلك صفرة حادثة . وقيل : فرأوا السحاب مصفراً لأن السحاب الأصفر لا يمطر . واللام في { لئن } موطئة للقسم دخلت على حرف الشرط ، وسد مسد جوابي القسم والشرط { لَّظَلُّواْ } ومعناه ليظلن { مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ } أي من بعد اصفراره أو من بعد الاستبشار ، ذمهم الله تعالى بأنه إذا حبس عنهم المطر قنطوا من رحمته وضربوا أذقانهم على صدورهم مبلسين ، فإذا أصابهم برحمته ورزقهم المطر استبشروا ، فإذا أرسل ريحاً فضرب زروعهم بالصفار ضجوا وكفروا بنعمة الله فهم في جميع هذه الأحوال على الصفة المذمومة ، وكان عليهم أن يتوكلوا على الله وفضله فقنطوا ، وأن يشكروا نعمته ويحمدوه عليها ففرحوا ، وأن يصبروا على بلائه فكفروا .