نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{لِلَّذِينَ ٱسۡتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَٱلَّذِينَ لَمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَهُۥ لَوۡ أَنَّ لَهُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا وَمِثۡلَهُۥ مَعَهُۥ لَٱفۡتَدَوۡاْ بِهِۦٓۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ سُوٓءُ ٱلۡحِسَابِ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ} (18)

ولما تم ما للحق والباطل في أنفسهما من الثبات والاضطراب ، ذكر ما لأهلهما من الثواب والعقاب جواباً لمن كأنه{[44036]} قال : ما{[44037]} لمن تدبر هذه الأمثال ، وأبعد عما أشارت إليه من الضلال ، أو حاد عما دعت إليه ومال ؟ فأجيب بقوله : { للذين استجابوا } أي طلبوا من أنفسهم الإجابة وأوجدوها { لربهم } أي المحسن إليهم شكراً له{[44038]} ، الحالة { الحسنى } أي العظيمة في الحسن ، وهي القرار في الجنة فهو جزاءهم ؛ قال أبو حيان{[44039]} : وذلك هو النصر في الدنيا وما اختصوا به من نعمه تعالى ودخول الجنة في الآخرة - انتهى . وقد تقدم في سورة يونس عليه الصلاة والسلام أنهم يزادون ما لا يعلم قدره إلا الذي فعلوا ذلك خوف عقابه ورجاء ثوابه .

ولما ذكر ما للطائعين ، أتبعه جزاء العاصين ، فقال مبتدئاً : { والذين{[44040]} لم يستجيبوا{[44041]} } أي يرغبوا في إيجاد الإجابة { له } وأخبر عن هذا الابتداء قوله{[44042]} معلماً بأن استعجالهم بالعذاب باستعجالهم بالسيئة قبل الحسنة جراءة منهم ناشئة عن جهل صرف تزول{[44043]} عند رؤيتهم عذابه{[44044]} سبحانه ، فيبلغون حينئذ بالافتداء غاية الذل فلا يقبل منهم - : { لو أن لهم } أي في{[44045]} ملكهم وتحت قدرتهم { ما في الأرض } وأكد بقوله : { جميعاً ومثله } وأوضح{[44046]} بقوله : { معه لافتدوا به{[44047]} } أي جعلوا فكاك أنفسهم بغاية جهدهم ، وأكده لادعاء الكفرة أنهم لا يذلون لشيء{[44048]} ولا يوهن قواهم شيء ، والافتداء : جعل أحد الشيئين بدلاً من الآخر على جهة الاتقاء به ، فكأنه قيل : ما الذي دعاهم{[44049]} حتى كان هذا حالهم ؟ فقيل -{[44050]} دلالة على أنه لا يقبل منهم الفداء ولو عظم{[44051]} - : { أولئك } أي البعداء البغضاء { لهم سوء الحساب * } والحساب : إحصاء ما على العبد{[44052]} وله ، وسوء المؤاخذة ، وعدم العفو عن شيء { ومأواهم } أي مستقرهم { جهنم } أي الطبقة التي تلقى{[44053]} داخلها بالتجهم{[44054]} والعبوسة . ولما كان{[44055]} المأوى إنما يأوى إليه صاحبه للراحة فيه بالاتكاء على فرش{[44056]} ونحوه ، قال معبراً بمجمع المذام : { وبئس المهاد * } .


[44036]:سقط من ظ و م.
[44037]:زيد من م ومد.
[44038]:زيد بعده في الأصل: على، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[44039]:راجع البحر 5/382.
[44040]:من م والقرآن الكريم، وفي الأصل و ظ ومد: استجيبوا- كذا.
[44041]:من م والقرآن الكريم، وفي الأصل و ظ ومد: استجيبوا- كذا.
[44042]:العبارة من هنا إلى "فلا يقبل منهم" ساقطة من م.
[44043]:من مد، وفي الأصل و ظ: نزول.
[44044]:من ظ ومد، وفي الأصل: عذاب.
[44045]:زيد من ظ و م ومد.
[44046]:زيد بعده في الأصل: ذلك، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[44047]:زيد من م والقرآن الكريم.
[44048]:من ظ ومد، وفي الأصل: بشيء.
[44049]:من م، وفي الأصل و ظ ومد: دعاهم.
[44050]:سقط ما بين الرقمين من م.
[44051]:سقط ما بين الرقمين من م.
[44052]:في ظ: البعد.
[44053]:من ظ ومد، وفي الأصل و م: يلقى.
[44054]:زيد بعده في الأصل: التجهم، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[44055]:تكرر في الأصل فقط.
[44056]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: فطرش.