نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَىٰٓ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوۡقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِۖ ثُمَّ إِلَيَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأَحۡكُمُ بَيۡنَكُمۡ فِيمَا كُنتُمۡ فِيهِ تَخۡتَلِفُونَ} (55)

فقال تعالى مخبراً عن ذلك على وجه مبشر له بأنه عاصمه من أن يقتلوه ومميته حتف{[17390]} أنفه : { إذ } أي مكر حين{[17391]} { قال الله } أي بما له من{[17392]} التفرد بصفات الكمال { يا عيسى إني متوفيك } وعبر عن ذلك بطريق الكناية الإيمائية فإن عصمته من قتل{[17393]} الكفار ملزومة للموت حتف{[17394]} الأنف ، وأما قول الزمخشري : أي مستوفي أجلك ومعناه : إني{[17395]} عاصمك من أن يقتلك الكفار ، ومؤخرك إلى أجل كتبته لك ، ومميتك حتف{[17396]} أنفك لا قتلاً بأيديهم - ليكون كناية تلويحية عن العصمة{[17397]} من القتل{[17398]} لأنها ملزومة لتأخيره إلى الأجل المكتوب والتأخير ملزوم للموت حتف{[17399]} الأنف - فلا ينبغي الاغترار به لأنه مبني على مذهب الاعتزال من أن القاتل قطع أجل المقتول المكتوب ، وكأن القاضي البيضاوي لم يتفطن له فترجم هذه العبارة بما يؤديها ؛ ويجوز أن{[17400]} يكون معنى متوفيك{[17401]} : آخذك إليّ من غير أن يصلوا منك إلى محجم دم{[17402]} ولا ما فوقه من عضو ولا نفس فلا تخش{[17403]} مكرهم .

قال في القاموس : أوفى{[17404]} فلاناً حقه : أعطاه وافياً ، كوفّاه ووافاه فاستوفاه{[17405]} وتوفاه{[17406]} .

ثم زاد{[17407]} سبحانه وتعالى في بشارته بالرفعة إلى محل كرامته وموطن ملائكته ومعدن النزاهة عن الأدناس فقال : { ورافعك } وزاد إعظام ذلك بقوله : { إليّ ومطهرك من الذين كفروا } .

ولما كان لذوي الهمم العوال{[17408]} ، أشد التفات{[17409]} إلى ما يكون عليه خلائفهم بعدهم{[17410]} من الأحوال ، بشره سبحانه وتعالى في ذلك بما يسره{[17411]} فقال : { وجاعل الذين اتبعوك } أي ولو بالاسم { فوق الذين كفروا } أي ستروا ما يعرفون{[17412]} من نبوتك بما رأوا من الآيات التي أتيت{[17413]} بها مطابقة{[17414]} لما عندهم من البشائر بك { إلى يوم القيامة } وكذا كان ، لم يزل من اتسم {[17415]}بالنصرانية حقاً أو باطلاً فوق اليهود ، ولا يزالون كذلك{[17416]} إلى{[17417]} أن يعدموا{[17418]} فلا يبقى منهم أحد .

ولما كان البعث عاماً دل عليه بالالتفات{[17419]} إلى الخطاب فقال{[17420]} تكميلاً لما بشر به من النصرة : { ثم إليّ مرجعكم } أي المؤمن والكافر في الآخرة { فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون * } .


[17390]:في ظ: تدميرهم، وفي مد غير واضح.
[17391]:في ظ: حنق.
[17392]:من ظ ومد، وفي الأصل: خير.
[17393]:زيد بعده في الاصل: صفات، ولم تكن الزيادة في ظ ومد فحذفناها.
[17394]:في ظ: قبل.
[17395]:في ظ: خنق.
[17396]:من ظ ومد، وفي الأصل: أي.
[17397]:في ظ: تلويحية.
[17398]:من ظ ومد، وفي الأصل: لمن يقتل.
[17399]:من ظ ومد، وفي الأصل: لمن يقتل.
[17400]:في ظ: أنه.
[17401]:من مد، وفي الأصل وظ: موفيك.
[17402]:سقط من ظ.
[17403]:في الأصل ومد: فلا تخشى، وفي ظ: فلا يخشى.
[17404]:من القاموس، وفي الأصل وظ: وفي، وفي مد: وفا.
[17405]:سقط من ظ.
[17406]:سقط من ظ.
[17407]:في ظ: بين.
[17408]:في ظ: التفاوت.
[17409]:في ظ: خلائفهم يعدهم
[17410]:في ظ: خلائفهم يعدهم
[17411]:من مد، وفي الأصل وفي ظ: بشره.
[17412]:في ظ: تعرفون.
[17413]:في ظ: أثبته، وفي مد: اتيته.
[17414]:في ظ ومد: مطابقة.
[17415]:من ظ ومد، وفي الأصل: اسم.
[17416]:في الأصول: لذلك.
[17417]:زيد من ظ.
[17418]:في ظ: أن تعدموا.
[17419]:في مد: بالتفات.
[17420]:سقط من مد.