نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَلَكُمۡ فِيهَا مَنَٰفِعُ وَلِتَبۡلُغُواْ عَلَيۡهَا حَاجَةٗ فِي صُدُورِكُمۡ وَعَلَيۡهَا وَعَلَى ٱلۡفُلۡكِ تُحۡمَلُونَ} (80)

ولما كان التصرف فيها غير منضبط ، أجمله بقوله : { ولكم فيها } أي كلها { منافع } أي كثيرة بغير ذلك في الدر والوبر والصوف وغيرها . ولما كان سوقها وبلوغ الأماكن الشاسعة عليها في أقرب مدة لنيل الأمور الهائلة عظيم الجدوى جداً ، نبه على عظمته بقطعه عما قبله بإجمال المنافع ثم تفصيله منه فقال : { ولتبلغوا } أي مستعلين { عليها } وهي في غاية الذل والطواعية ، ونبههم على نقصهم وعظيم نعمته عليهم بقوله : { حاجة } أي جنس الحاجة . ولما كان في مقام التعظيم لنعمه لأن من سياق الامتنان وإظهار القدرة وحدها وجمع ما تضمر فيه فقال : { في صدوركم } إشارة إلى أن حاجة واحدة ضاقت عنها قلوب الجميع حتى فاضت منها فملأت مساكنها . ولما كان الحمل يكون مع مطلق الاستعلاء سواء كان على أعلى الشيء أولاً بخلاف الركوب ، قال معبراً بأداة الاستعلاء فيها وفي الفلك غير سفينة نوح عليه الصلاة والسلام ، فإنها كانت مغطاة كما حكي فكانوا في بطنها لا على ظهرها : { وعليها } أي في البر { وعلى الفلك } أي في البحر { تحملون * } أي تحمل لكم أمتعتكم فإن حمل الإنسان نفسه تقدم بالركوب . وأشار بالبناء للمفعول إلى أنه سخر ذلك تسخيراً عظيماً لا يحتاج معه إلى علاج في نفس الحمل .