ولما علم أن جميع النعم من الغيث وأثاره ، ومن نشر الدواب براً وبحراً بمعرض من الزوال وهو عظيم التقلبات هائل الأحوال سبب عنه قوله محقراً لدنياهم وما فيها من الزهرة بسرعة الذبول والزوال ، والأفول والارتحال ، ولهم بأنها مع ما ذكر لا قدرة لهم على شيء منها إلا يموت يمن عليهم بها ، وأما هم فقوم ضعفاء لا قدرة لهم على شيء منها إلا بموت يمن عليهم بها وأما هم فقوم ضعفاء لا قدرة لهم على شيء وليس لهم من أنفسهم إلا العجز ، فلو عقلوا لعلموا ولو علموا لعملوا عمل العبيد ، وأطاعوا القوي الشديد : { فما أوتيتم } أي أيها الناس { من شيء } أي من النعم الظاهرة ، وأجاب " ما " الشرطية بقوله : { فمتاع الحياة الدنيا } أي القريبة الدنيئة لا نفع فيه لأحد إلا مدة حياته ، وذلك جدير بالإعراض عنه وعما يسببه من الأعمال إلا ما يقرب إلى الله { وما } أي والذي ، ولفت الكلام عن مظهر العظمة إلى أعظم منها بذكر الاسم الجامع للترغيب في ذكر آثار الأوصاف الجمالية والترهيب من آثار النعوت الجلالية فقال : { عند الله } أي الملك الأعظم المحيط بكل شيء قدرة وعلماً من نعم الدارين { خير } أي في نفسه وأشد خيرية من النعم الدنيوية المحضة لانقطاع نفعها . ولما كانت النعم الدنيوية قد تصحب الإنسان طول عمره فتسبب بذلك إلى البقاء قال : { وأبقى } أي من الدنيوية لأنه لا بد من نزعها منه بالموت ، ولذلك قيد بالحياة فلا تؤثر الفاني على خساسته على الباقي مع نفاسته .
ولما بين ما لها من النفاسة ترغيباً فيها ، بين من هي له فقال : { للذين آمنوا } أي أوجدوا هذه الحقيقة { وعلى } أي والحال أنهم صدقوها بأنهم على ، ولفت القول إلى صفة الإحسان لأنها نسب شيء للمتوكل ، وأحكم الأمر بالإضافة إشارة إلى " أنه إحسان " هو في غاية المناسبة لحالهم فقال : { ربهم } أي الذي لم يروا إحساناً قط إلا منه وحده بما رباهم من الإخلاص له { يتوكلون } أي يحملون جميع أمورهم عليه كما يحمل غيرهم متاعه على من يتوسم فيه قوة على الحمل ولا يلتفتون في ذلك إلى شيء غيره أصلاً لينتفي عنهم بذلك الشرك الخفي كما انتفى بالإيمان الشرك الجلي ، والتعبير بأداة الاستعلاء تمثيل للإسناد والتفويض إليه بالحمل عليه لأن الحمل أبين في الراحة ، وأظهر في البعد من الهم والمشقة ، ولعل التعبير بالمضارع للتخفيف في أمر التوكل بالرضى بتجديده كما يتجدد منهم ، ومن كان كذلك كان الله كافيه كل ملم ، فيشاركون أهل الدنيا في نيل نعمها ويفارقونهم في أن ربهم سبحانه يجعلها على وجه لا حساب عليهم فيها ، بل ولهم فيها الأجور الموجبة للنعمة والحبور ، وفي أنه يجعلها كافية لمهماتهم وسادّة لخلاتهم ، ويزيدهم الباقيات الصالحات التي يتسبب عنها نعيم الآخرة بعد راحة الدنيا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.