ودل بشواهد القدرة وآثار الصنعة من نسخة هذا الكتاب على الصفتين وعلى وحدانيته فيهما اللازم منه تفرده{[57818]} المطلق فقال{[57819]} مؤكداً لأجل من ينكر ذلك ولو بالعمل ، وترغيباً في تدقيق{[57820]} النظر بتأمل آيات الوجود التي هذا الكتاب شرح{[57821]} لمغلقها وتفصيل لمجملها ، وإيماء إلى أنها أهل-{[57822]} لصرف الأفكار{[57823]} إلى تأملها { إن في }{[57824]} ولما كانت الحواميم - كما روى أبو عبيدة في كتاب الفضائل عن ابن عباس رضي الله عنهما - لباب القرآن ، حذف ما ذكر{[57825]} في البقرة من قوله " خلق " ليكون ما هنا أشمل فقال : { السماوات } أي ذواتها{[57826]} بما لها من الدلالة على صانعها-{[57827]} وخلقها على ما فيها من العبر بما فيها من المنافع وعظيم الصنعة{[57828]} وما لها من الشفوف الدال على تعددها بما فيها من الكواكب { والأرض } كذلك [ و-{[57829]} ] بما حوت من المعادن والمعايش{[57830]} والمنابع والمعاون { لآيات } أي دلائل على وحدانيته وجميع كماله ، فإن من المعلوم أنه لا بد لكل من ذلك من صانع متصف بذلك { للمؤمنين * } أي لأنهم برسوخهم في هذا الوصف الشريف أهل للنظر ؛ لأن{[57831]} ربهم يهديهم بإيمانهم فشواهد{[57832]} الربوبية لهم منهما{[57833]} لائحة ، وأدلة الإلهية فيهما واضحة ، ولعله أشار بالتعبير بالوصف إلى أنه لا بد في رد شبه أهل{[57834]} الطبائع من تقدم الإيمان ، وأن من-{[57835]} لم يكن راسخ الإيمان لم يخلص من شكوكهم{[57836]} .
وقال الإمام أبو جعفر{[57837]} بن الزبير : لما {[57838]}تضمنت السور{[57839]} المتقدمة إيضاح أمر الكتاب وعظيم بيانه{[57840]} وأنه شاف كاف وهدى{[57841]} ونور ، كان {[57842]}أمر من{[57843]} كفر من العرب أعظم شيء لانقطاعهم وعجزهم وقيام الحجة به عليهم حتى رضوا بالقتل والخزي العاجل وما {[57844]}قاموا بادعاء{[57845]} معارضته{[57846]} ولا تشوفوا{[57847]} إلى الإسناد إلى عظيم تلك المعارضة ، أتبع ذلك تعالى-{[57848]} تنبيهاً لنبيه{[57849]} والمؤمنين إلى ما قد نصبه من الدلائل سواه مما صد المعرض عن{[57850]} الاعتبار بها أو ببعضها مجرد هواه ، ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله ، فقال تعالى بعد القسم بالكتاب المبين { إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين } أي لو لم تجئهم يا محمد{[57851]} بعظيم آية{[57852]} الكتاب فقد كان لهم {[57853]}فيما نصبنا{[57854]} من الأدلة أعظم برهان وأعظم تبيان
{ أو لم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى }[ الروم : 8 ] فلما نبه بخلق السماوات والأرض ، أتبع بذكر ما بث في الأرض فقال { وفي خلقكم وما بث فيهما {[57855]}من دابة آيات لقوم يوقنون واختلاف الّيل والنهار } أي في دخول أحدهما على الآخر بألطف{[57856]} اتصال{[57857]} وأربط انفصال{[57858]} { لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار } ثم نبه على الاعتبار بإنزال الماء من السماء وسماه رزقاً بحط القياس فقال { وما أنزل الله من رزق فأحيى به الأرض بعد موتها } ثم قال { و{[57859]}تصريف الرياح آيات{[57860]} لقوم يعقلون } الاستدلال بهذه الآي{[57861]} يستدعي بسطاً يطول ، ثم قال { تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق } أي علاماته ودلائله { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } ثم قال { فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون } أبعد{[57862]} ما شاهدوه{[57863]} من شاهد الكتاب وما تضمنه خلق السماوات والأرض وما فيهما{[57864]} وما بينهن من عجائب الدلائل الواضحة لأولي الألباب ، فإذا لم يعتبروا{[57865]} بشيء من ذلك فبماذا يعتبر{[57866]} ، ثم أردف تعالى بتقريعهم وتوبيخهم في تصميمهم{[57867]} مع وضوح الأمر فقال { ويل لكل أفاك أثيم{[57868]} } الآيات الثلاث ، ثم قال { هذا هدى } وأشار إلى الكتاب وجعله{[57869]} نفس الهدى لتحمله{[57870]} كل أسباب الهدى وجميع جهاته ، ثم توعد من كفر به ثم أردف ذلك بذكر نعمه وآلائه ليكون ذلك زائداً في توبيخهم ، والتحمت الآي عاضدة هذا الغرض تقريعاً وتوبيخاً ووعيداً وتهديداً إلى آخر السورة - انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.