نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَلَهُ ٱلۡكِبۡرِيَآءُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (37)

ولما أفاد ذلك غناه{[58425]} الغنى المطلق وسيادته وأنه لا كفوء له ، عطف عليه بعض اللوازم لذلك تنبيهاً على مزيد الاعتناء به لدفع ما يتوهمونه من ادعاء الشركة التي لا-{[58426]} يرضونها لأنفسهم فقال : { وله } أي وحده{[58427]} { الكبرياء } أي الكبر الأعظم الذي لا نهاية له{[58428]} : { في السماوات } كلها { والأرض } جميعها{[58429]} اللتين فيهما آيات للمؤمنين{[58430]} ، روى مسلم وأبو داود{[58431]} وابن ماجة{[58432]} عن أبي هريرة ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول الله عز وجل : " الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحداً منهما أدخلته النار " ، وفي رواية : عذبته ، وفي رواية : قصمته .

( وهو } وحده { العزيز } الذي يغلب كل شيء ولا يغلبه شيء { الحكيم * } الذي يضع الأشياء في أتقن مواضعها ولا يضع شيئاً إلا كذلك{[58433]} كما أحكم أمره ونهيه وجميع شرعه ، وأحكم نظم هذا القرآن جملاً وآيات ، وفواصل وغايات ، بعد أن حرر معانيه وتنزيله جواباً لما كانوا يعتنون به ، فصار معجزاً في نظمه ومعناه وإنزاله طبق أجوبة{[58434]} الوقائع على ما اقتضاه الحال ، فانطبق آخرها{[58435]} على أولها بالصفتين المذكورتين ، وبالحث على الاعتبار بآيات الخافقين ، والتصريح بما لزم ذلك من الكبرياء المقتضية لإذلال الأعداء وإعزاز الأولياء - والله الهادي {[58436]}إلى الصواب وإليه المرجع والمآب - والله أعلم بمراده{[58437]} .

ختام السورة:

فانطبق آخرها على أولها بالصفتين المذكورتين ، وبالحث على الاعتبار بآيات الخافقين ، والتصريح بما لزم ذلك من الكبرياء المقتضية لإذلال الأعداء وإعزاز الأولياء - والله الهادي إلى الصواب وإليه المرجع والمآب - والله أعلم بمراده .


[58425]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: غنى.
[58426]:زيد من م ومد.
[58427]:زيد في الأصل: لا مناف له، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[58428]:زيد في الأصل: لمكانه، ولم تكن في م ومد فحذفناها.
[58429]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: جميعا.
[58430]:زيدت الواو في الأصل و ظ، ولم تكن في م ومد فحذفناها.
[58431]:راجع السنن أبواب اللباس.
[58432]:راجع السنن أبواب الزهد.
[58433]:من ظ ومد، وفي الأصل و م: لذلك.
[58434]:زيد في الأصل: الواقع من ، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[58435]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: آخر السورة.
[58436]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[58437]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.