نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{۞وَكَم مِّن مَّلَكٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ لَا تُغۡنِي شَفَٰعَتُهُمۡ شَيۡـًٔا إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ أَن يَأۡذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرۡضَىٰٓ} (26)

ولما كان التقدير : فكم من شخص ترونه في الأرض مع أنه في غاية المكنة فيما يظهر لكم لا يصل إلى ربع ما يتمناه ، عطف عليه قوله ، مظهراً لضخامة ملكه وأنه لا يبالي بأحد ، دالاً على الكثرة : { وكم من ملك } أي مقرب ، ودل على زيادة قربه بشرف مسكنه فقال : { في السماوات } أي وهم في الكرامة والزلفى { لا تغني } أي لا تجزي وتسد وتكفي ، ولما كان رد الجمع لحال اجتماعهم أدل على العظمة ، عبر بما يحتمل ذلك فقال : { شفاعتهم } أي عن أحد من الناس { شيئاً } فقصر الأمر ورده بحذافيره إليه بقوله : { إلا } ودل باثبات{[61724]} الجار على أنه مع ما يحده سبحانه لا مطلقاً فقال : { من بعد أن يأذن } أي يمكن ويريد { الله } أي الذي لا أمر لأحد أصلاً معه ، وعبر بأن والفعل دلالة على أنه لا عموم بعد الإذن بجميع الأوقات ، وإنما ذلك يجدد بعد تجدد الإذن على حينه وقبل الأمر الباب ؟ لعموم العظمة بقوله : { لمن يشاء } أي بتجدد تعلق مشيئته به لأن يكون مشفوعاً أو شافعاً .

ولما كان الملك قد يأذن في الشفاعة وهو كاره ، قال معلماً أنه ليس كأولئك : { ويرضى * } فحينئذ تغني شفاعتهم إذا كانوا من المأذون لهم - كل هذا قطعاً لأطماعهم وعن قولهم بمجرد الهوى أي آلهتهم تشفع لهم .


[61724]:- في الأصل: بأسباب.